| خلف القضبان | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
خالد الحارثي
عدد الرسائل : 34 تاريخ التسجيل : 23/01/2009
| موضوع: خلف القضبان الأربعاء يناير 28, 2009 11:04 am | |
| شطحه لا تفكير فيها أتتني .. احببتها حينما عصفت بخيالي .. وعشقت كل حرف فيها قبل ان اكتبها ..
احببتها بكل ما فيها .. فيكفيني ذلك العنوان (( ذكريات خلف القضبان ))
----------------------------
خلق في ذلك اليوم رجل .. كان رجلاً عادياً .. تكسوهـ ملامح القوة والطيبه .. تتذكرهـ حينما يغيب عنك .. وتفكر فيه وهو معك .. كيف هو ؟ ولماذا هو ؟ وإلى اين سيذهب ؟ وكيف سيكون ؟ وهل سيصمد ؟!
اسئله كثيرهـ تخالجك .. لتخلق امامك علامتي ( ؟! ) ..
ذلك الشاب لم يتجاوز من العمر الكثير .. ولكن بداخله كهل كبير .. يكسوا شعرهـ الشيب .. ويلتحف ابتسامه واثقه صابرهـ .. وكأنه سيعيش ألف قرن ..
تجدهـ بين الحين والآخر يعبث بأي شيء امامه .. لا يحب ان يكون في واقع ممل .. يحب ان يشغل نفسه بأي شيء .. يتحدث كثيراً .. وصمته يغلب طباعه ..
متقلب المزاج تارهـ .. قاسي في طباعه بعض من الوقت .. يكرهـ التشائم .. رغم حياته الشئوم ..
ذلك الرجل لديه خيال واسع .. يحب ان يتخيل اي شيء .. وبأي لون هو يريدهـ لا ما يردهـ الآخرون .. حتى السعادهـ يتخيلها ويعيش بين احضانها .. لا يترك فرصه لحياته المزعجه .. ان تتوغل بداخله .. يستسلم ( هنيهه ) من الوقت .. ولكنه سرعان ما ينتفض وكأن شيء لم يكن ..
هو ذلك الرجل لا غيرهـ ..
تخبطه الأيام بكل ما فيها .. وتتلاطم أمواج الهموم بحياته .. يقف صامداً كسفينة رب الكون أرساها ..
ولكن ما قصة القضبان ؟ ولماذا اصبح أسيراً بينها ؟ وماذا حصل بين احضانها ؟ وماذا وجد بداخلها ؟ والكثير الكثير من المفاجئات خلف تلك القضبان اللعينه ..
| |
|
| |
خالد الحارثي
عدد الرسائل : 34 تاريخ التسجيل : 23/01/2009
| موضوع: رد: خلف القضبان الأربعاء يناير 28, 2009 11:05 am | |
| نمى هذا الشاب بين وحوش مفترسه .. لا رحمة بداخلها ولا صفح .. تعصف به هالات من العذاب بين الحين والآخر .. فما ينتهي من الم ( سوط ) .. الا وقد ناوله الآخر سوط أقسى وأقوى من ذي قبل ..
تحمل الكثير من السياط .. وعاند الحال والأحوال ..
يبتسم تارهـ في وجه العدو .. لعل رحمة تقع في قلبه .. فينسيه ما بداخله من قسوهـ .. ولكن هيهات من ان يفعل .. يكظم الغيض ويرحل .. يدير ظهرهـ للماضي .. ويبداء بصفحة جديدهـ .. ببزوغ يوم جديد ..
وهلم جر تتعاقب الأحداث .. ويعود كل ما فات .. في يومه الجديد .. يتقبله كما تقبل الآخر ..
اعطاء هذا الشاب كل ما لديه .. بل اثقل كاهله .. وأخذ من الآخرين ليرضي القريبين ..
بشارات الأمل تساورهـ بين الحين والآخر .. بأن الأحوال ستتغير .. والأمور ستتعدل ..
فيأخذ ( الهواء ) .. ويعطي كل ما لديه .. دونما حساب ..
المهم .. ان يكسب الرضى منهم .. ان يكسب ابتسامه من قلوبهم .. يريد الإحساس بالحنان .. يطلب صدراً حنوناً .. يضع رأسه فيبكي ايامه التي فاتت .. ويخرج كل ما بداخله . فينام بين احضانه بهدوء ..
ولكنها تخرج مسمومة .. خبيثه .. حاقدهـ .. غادرهـ ..
يضحك على نفسه .. ويتقبل فُتات الحب والحنان منهم .. فيجد نفسه اندمج مع نفسه .. وعاش في وهم الحنان الزائف ..
وهذا هو الحال .. ولم يتغير .. في كل يوم تتكرر نفس الأحداث .. وتعود كل الآلآم .. لا يتغير فيها شيء ..
وقف هذا الشاب برهه .. يفكر ماذا صنع ؟ وماذا قدم ؟ وماذا استفاد ؟ ولما كل هذا ؟
الأنه يطلب الصدق من الآخرين ؟ ام ان الدنيا خذلته ؟ ربما اخطائة وزلاته .. سبب في كل ما هو عليه ..
تقرب من الله كثيراً .. احبه كثيراً .. صدق له كثيراً .. بل انه نسي الدنيا ومن فيها .. وتحول لإنسان لا هدف له الا رضى الله ..
ولكن ما زالت النكسات تلاحقه .. ومن رب الكون اختبارهـ ..
دارت الأيام .. وهو من حال لحال .. ومن نار لنار .. يتقلب بينهما .. لا يعلم ماذا يفعل ..
فقد تراكمت عليه الديون .. واصبح الطالبون لحقوقهم كثير ..
ثار .. غضب .. طار بصوته في السماء .. صرخ .. لم يسكت ..
ذهب لمن كان يطلب رضاهم .. قال لهم :هذا هو حالي .. قد اصبحت متجرداً من كل شيء .. وتاركاً كل شيء .. ناقماً لكل امر ..
ساعدتكم كثيراً .. وتحملت مالا طاقة لي به .. وجاء دوركم ..
لا اطلب رد المعروف .. ولم اكن لكم من المتمننين .. بل انا انسان اطلب العون من ربي ثم منكم ..
فلو كان مسكيناً .. طرق الباب لوهبتموهـ .. فما بال من كان من لحمكم ودمكم .. سهر .. تعب .. دمر حياته .. لأجلكم ..
فهل انتم مساعدون ؟!
ثــــــــــــــــــم ..
صمت الجميع .. وكأن على رئوسهم الطير .. لا حراك .. كأنهم اعجاز نخل خاويه ..
اقترب منهم الوحد تلو الآخر .. محاولاً تنبيههم بأنه بينهم .. وغداً سيكون بين تلك القضبان .. ولكـــــــــــن .. لا حياة لمن تنادي ..
بعد طول انتظار .. وقف كبيرهم .. وقــــــــــــــــال : ليس لك بيننا شيء .. اذهب فما جنته يداك .. انت الأولى بكسبه ..
صمت صاحبنا طويلاً .. ونور الأرض والسماء قد تبدد .. اصبحت كل الأرض بما رحبت .. عليه أضيق من ( خرم ) ابرة دقيقه ..
اتملأت عيناهـ بدموع حارقه .. سرعان ما تدحرجت على مقلتيه ..
مسحها بمنديل الأمل ..
استدار .. تركهم خلفه ينظرون .. وخرج من الباب بلا رجعه ..
وهو في توهان عظيم .. ليس هنالك من هو في كدرهـ الا هو ..
| |
|
| |
خالد الحارثي
عدد الرسائل : 34 تاريخ التسجيل : 23/01/2009
| موضوع: رد: خلف القضبان الأربعاء يناير 28, 2009 11:07 am | |
| خرج بكل هدوء .. وعلى السلالم لم يسرع . بخطوات وصفها يصعب .. الم .. امل .. خذلان .. حسرهـ .. لا اعلم بما اصف خطواته الهادئة .. فقد كانت بمثابة عزف على سموفنيه الألم .. فكلما طالت السلالم . امتع الناس عزفه .. فهو عازف ماهر .. على قيثارة الألم العتيدهـ ..
عاد صاحبنا لبقعته الأولى .. ودار كرسيه نحو جدار جميل .. وخلفه جهازهـ الحبيب ..
وناس كثير من حوله .. لا يعلم عنهم شيء .. ولا يعلمون ماذا دهاهـ .. لف المكان صمت عظيم .. وأنفاس البشر تقطعت .. ولم يعد الا تلك الزفرات الساخنه .. التي تخرج من بين حناياهـ ..
لم يطل التأمل كثيراً .. فلف كرسيه للأمام .. وجعل ينظر للبشر .. ابتســـــــــم .. لأنه يريد ان يتبسم ..
نسي ما فات .. واسمترت حياته لوقت وجيز .. ولم تطل ابداً ..
وبدون مقدمات .. حاصرهـ شرطيان .. ضخماء البدن .. مفتولاء العضلات ..
سحباه بدون كلام .. وانقاد معهم دون عصيان .. وبسمة الأمل تذوب على شفتاهـ .. جف حلقه .. مرارهـ في فمه .. وذهول نظراته ..
وهم يقودانه سقطت نظارته على الأرض .. ولم يعد يشاهد شيء ..
استأذنهم ثوان معدودهـ .. لعلهم يسمحون له بأخذها .. فرق قلب احدهم .. وانحنا متكابراً .. كيف ينحني ليجلب ما سقط من ( سجين ) !!.. ولكن قلبه كان اكبر من كبريائة .. فمد يدهـ على الأرض وأمسك بها .. فإذا هي نظارة باليه .. اهترت من كثرة الأدمع .. امسكها ووهبها له .. ثم تابعوا الطريق ..
ركبا سيارة الشرطه .. ومعهم سجينهم .. ذلك الرجل صغير السن ( هرم ) الروح ..
توجهوا به للقاضي .. ووجد مطالبه بماله امام القاضي .. وقف هو بجانب صاحب المال ..
فدار هذا الحوار بينهم ..
الرجل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الجميع : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الرجل : الا تمهلوني بعضاً من الوقت لأحصل ما تطلبني به ؟
صاحب المال : صبرت الكثير من الوقت .. ولم اعد احتمل .. فأنت ماكر ..لعاب .. غير بمالي ....................
الرجل : كفاك ايه الكريم ما تقوله .. فما نعتني به الا بهتان عظيم .. وانت اكثر الناس علماً بما انا عليه ..
القاضي مقاطعاً : ايه الرجل هل تعترف بأنك مطالب بهذا المبلغ ؟
الرجل : نعم ..
القاضي : هل لديك ما تدفعه الآن ؟
الرجل : لا ..
القاضي : يحكم بدون رحمه .. يدخل السجن ريثما يتوفر المبلغ المطلوب كاملاً .. وعند إكماله لدين الرجل يطلق سراحه .. انتهــــــــــى ......
الرجل : هذا هو الحال .. ولا فرق لدي فأنا سجين خارج السجن وداخله .. لا فرق .. لا فرق ..
يدخل الشرطيان لمكتب القاضي .. يمسكان به وكأنه مجرم حرب او اكثر .. يسوقانه بينهم .. الا ان يخرجا من مكتب القاضي ..
يدير احد الشرطيان يدهـ لخلفه .. فيخرج ( القيود ) من جيبه ..
الرجل : مهلاً ايه الشرطي .. ماذا ستفعل ؟!!!!
الشرطي : سأجمل يداك بهذهـ الأساور .. الى تعجبك ؟!!..
الرجل : هل اطلبك طلباً وأتمنى ان لا تردني ؟
الشرطي : اطلب وعجل في طلبك فليس لدينا الوقت ..!!
الرجل : اعد تلك القيود لمكانها .. فوربي خوفي منها ازلي .. وكرهي لها يجعلني ارتعد من منظرها . فما بالك أن تضعها في يداي ؟!!!!
الشرطي الأول : اتركه ودعنا نسير به هكذا .. فما عليه الا دين فقط .. ولا يستوجب كل هذهـ القيود ..
الشرطي الثاني : هل ترى هذا ؟!
الرجل بينهم تائه النظرات بين الشرطيين .. وينظر للناس من حوله .. ولتلك القيود الحديديه القاسية ..
الشرطي الثاني : لك ما تريد .. ولطلبك ننفذهـ ..
الرجل : يبتسم وعيناهـ مليئة بالدموع .. هل يفرح لإبتعاد القيود عن يداهـ ؟.. ام يحزن لما سيلقاهـ امامه ؟!..
ساروا به للسجن .. وهو في عالم آخر .. لا بداية ولا نهاية له ..
| |
|
| |
خالد الحارثي
عدد الرسائل : 34 تاريخ التسجيل : 23/01/2009
| موضوع: رد: خلف القضبان الأربعاء يناير 28, 2009 11:08 am | |
| خرج بكل هدوء .. وعلى السلالم لم يسرع . بخطوات وصفها يصعب .. الم .. امل .. خذلان .. حسرهـ .. لا اعلم بما اصف خطواته الهادئة .. فقد كانت بمثابة عزف على سموفنيه الألم .. فكلما طالت السلالم . امتع الناس عزفه .. فهو عازف ماهر .. على قيثارة الألم العتيدهـ ..
عاد صاحبنا لبقعته الأولى .. ودار كرسيه نحو جدار جميل .. وخلفه جهازهـ الحبيب ..
وناس كثير من حوله .. لا يعلم عنهم شيء .. ولا يعلمون ماذا دهاهـ .. لف المكان صمت عظيم .. وأنفاس البشر تقطعت .. ولم يعد الا تلك الزفرات الساخنه .. التي تخرج من بين حناياهـ ..
لم يطل التأمل كثيراً .. فلف كرسيه للأمام .. وجعل ينظر للبشر .. ابتســـــــــم .. لأنه يريد ان يتبسم ..
نسي ما فات .. واسمترت حياته لوقت وجيز .. ولم تطل ابداً ..
وبدون مقدمات .. حاصرهـ شرطيان .. ضخماء البدن .. مفتولاء العضلات ..
سحباه بدون كلام .. وانقاد معهم دون عصيان .. وبسمة الأمل تذوب على شفتاهـ .. جف حلقه .. مرارهـ في فمه .. وذهول نظراته ..
وهم يقودانه سقطت نظارته على الأرض .. ولم يعد يشاهد شيء ..
استأذنهم ثوان معدودهـ .. لعلهم يسمحون له بأخذها .. فرق قلب احدهم .. وانحنا متكابراً .. كيف ينحني ليجلب ما سقط من ( سجين ) !!.. ولكن قلبه كان اكبر من كبريائة .. فمد يدهـ على الأرض وأمسك بها .. فإذا هي نظارة باليه .. اهترت من كثرة الأدمع .. امسكها ووهبها له .. ثم تابعوا الطريق ..
ركبا سيارة الشرطه .. ومعهم سجينهم .. ذلك الرجل صغير السن ( هرم ) الروح ..
توجهوا به للقاضي .. ووجد مطالبه بماله امام القاضي .. وقف هو بجانب صاحب المال ..
فدار هذا الحوار بينهم ..
الرجل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الجميع : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الرجل : الا تمهلوني بعضاً من الوقت لأحصل ما تطلبني به ؟
صاحب المال : صبرت الكثير من الوقت .. ولم اعد احتمل .. فأنت ماكر ..لعاب .. غير بمالي ....................
الرجل : كفاك ايه الكريم ما تقوله .. فما نعتني به الا بهتان عظيم .. وانت اكثر الناس علماً بما انا عليه ..
القاضي مقاطعاً : ايه الرجل هل تعترف بأنك مطالب بهذا المبلغ ؟
الرجل : نعم ..
القاضي : هل لديك ما تدفعه الآن ؟
الرجل : لا ..
القاضي : يحكم بدون رحمه .. يدخل السجن ريثما يتوفر المبلغ المطلوب كاملاً .. وعند إكماله لدين الرجل يطلق سراحه .. انتهــــــــــى ......
الرجل : هذا هو الحال .. ولا فرق لدي فأنا سجين خارج السجن وداخله .. لا فرق .. لا فرق ..
يدخل الشرطيان لمكتب القاضي .. يمسكان به وكأنه مجرم حرب او اكثر .. يسوقانه بينهم .. الا ان يخرجا من مكتب القاضي ..
يدير احد الشرطيان يدهـ لخلفه .. فيخرج ( القيود ) من جيبه ..
الرجل : مهلاً ايه الشرطي .. ماذا ستفعل ؟!!!!
الشرطي : سأجمل يداك بهذهـ الأساور .. الى تعجبك ؟!!..
الرجل : هل اطلبك طلباً وأتمنى ان لا تردني ؟
الشرطي : اطلب وعجل في طلبك فليس لدينا الوقت ..!!
الرجل : اعد تلك القيود لمكانها .. فوربي خوفي منها ازلي .. وكرهي لها يجعلني ارتعد من منظرها . فما بالك أن تضعها في يداي ؟!!!!
الشرطي الأول : اتركه ودعنا نسير به هكذا .. فما عليه الا دين فقط .. ولا يستوجب كل هذهـ القيود ..
الشرطي الثاني : هل ترى هذا ؟!
الرجل بينهم تائه النظرات بين الشرطيين .. وينظر للناس من حوله .. ولتلك القيود الحديديه القاسية ..
الشرطي الثاني : لك ما تريد .. ولطلبك ننفذهـ ..
الرجل : يبتسم وعيناهـ مليئة بالدموع .. هل يفرح لإبتعاد القيود عن يداهـ ؟.. ام يحزن لما سيلقاهـ امامه ؟!..
ساروا به للسجن .. وهو في عالم آخر .. لا بداية ولا نهاية له ..
| |
|
| |
خالد الحارثي
عدد الرسائل : 34 تاريخ التسجيل : 23/01/2009
| موضوع: رد: خلف القضبان الأربعاء يناير 28, 2009 11:09 am | |
| وصلوا بذلك الرجل .. أوقفوا سيارة الشرطه امام بوابه ضخمه .. وجدار شاهق الإرتفاع .. عليه سياج من حديد .. وحراسة من رجال كثير ..
حملوهـ بين ذراعيهم .. وأنزلوهـ من السيارهـ ..
وقفوا به امام شباك خلفه شرطي ( ضخم ) قبيح المنضر .. لا يكاد يشاهد الناس شيء .. ودار بينهم هذا الحوار ..
الشرطي : ما اسمك ؟
الرجل : فلان بن فلان ..
الشرطي : ما قضيتك ؟
الرجل : اقترضت قليلاً من المال فلم اردهـ لصاحبه !
الشرطي ينظر من تحت حاجباهـ الكثيفان .. ويأخذ زفرهـ عميقه .. كأنه يخرجها من بأر عميق .. ثم يقول له بنبرهـ إستهزاء .. ههه هذا هو حال أمثالك .. يأخذ من هذا وذك ويقول ( مجرد ) دين .. الى تخجل من نفسك وانت تقول هذا ؟! لماذا لم ترد ما اقترضته ؟!! هل انت في وعيك ؟ وهل ......................
الرجل : بكل غضب وألم .. كفى فقد سمعت الكثير من داخلي .. وكل ثانيه يصرخ بداخلي صوت يؤنبني .. فلا احتمل اكثر .. انجز ما انت تعمله .. وكفاك ثرثرهـ ..
الشرطي يحدث من اتوا بالرجل : اعتقد بأنك جلبتم لنا صاحب مشاكل .. فرب السماء يعيننا على هذهـ الأشكال .. !!
الرجل ينظر لحاله وما آل به مصيرهـ .. الهذا الحد وصل بي الحال ؟! لماذا كل هذا ؟!!! ولمن فعلت كل هذا ؟!! حسبي الله ونعم الوكيل حسبي الله ونعم الوكيل
الشرطي : اخرج كل ما في جيوبك .. والقي بها على الطاوله ..
الرجل يخرج .. ساعته .. خاتمه .. مفاتيحه .. اثبات شخصيته ..
الرجل : هذا كل ما لدي ..
الشرطي : اذهبوا به لقسم الديون .. وحاولوا ان تضعوهـ في ارقى جناح لدينا .. فهذا يستحق كل التقدير والإحترام ..
يستاقونه للسجن .. وهو خليط من الهلع .. والتوهان .. فلم يعتد على كل هذا .. ولم يتوقع بأنه سيحصد ما حصدهـ الآن .. هل من المعقول ان اكون هنا ؟ بداء يتأمل ممرات السجن بكل هدوء .. ينظر لذلك الجدار العالي .. يقول في نفسه : كل يوم نسمع عن سجين هارب !! كيف استطاع الهرب هذا السجين ؟!!!
ثم ينحرف نظرهـ لتلك الزاويه .. اووووووووهــ.. هنالك مزهريه جميله .. رائع بالتأكيد .. يستطيع السجين أن يمتع ناظريه بشيء جميل .. بداية خير باذن الله في هذا السجن ..
انحرف به الشرطيان يميناً .. ودخلوا في ممر آخر .. ربما هو ممر السجن الأصلي .. فضربات قلب الرجل تزداد وتتسارع .. في كل ثانيه ألف ضربه .. وأنفاسه تزداد حرارة ..
تتثاقل خطواته شيء فشيئاً .. لا يعلم لماذا لم يعد يستطيع السير كما كان .. يحاول الحديث ولكنه لا يستطيع ..
يا إلاهي ماذا حل بي .. لماذا لم اعد استطيع ان اتحدث .. اريد ان اقول لهم توقفوا لا اريد الذهاب .. لماذا لا اتحدث !!!!!!!!
يقف ثم ينظر في الشرطيان .. فلا يستطيع ان يتحدث ابداً .. بل يتمتم بشفتاهـ .. حلقه نظب من الريق .. عيناهـ جفتا من الدموع ..
الشرطي الأول : ماذا بك ؟! هيا تقدم فلم يبقى الا ذلك الباب وترتاح من العناء .. هيا تقدم ماذا بك ؟!!
الرجل لا حراك ابداً .. لا صوت يخرج .. لا شيء .. سوى تحريك شفتاهـ ..
الشرطي الثاني يذهب ويحضر ماء فهو من يستطيع ان يشعر به .. هو من يحس بما يعاني منه ذلك الرجل ..
الشرطي الثاني : تفضل اشرب فربما هداء بالك واستطعت الحديث ..
يمسك الرجل كأس الماء بيدان مرتعدتان .. فيشرب منه بشغف بخوف .. فيندلق عليه بعض منه .. يحمد الله على هذهـ النعمه .. يعيد الكأس للشرطي ..
فيقول بصوت منخفض .. هلا اطلب منكم آخر طلب لي ؟
الشرطي الثاني : تفضل ماذا لديك ؟
الرجل : اتمنى ان اكون بين صحبه طيبه .. فاعلم بمن في السجون ومن اي بقعه هم .. فلا اريد اختلاطاً مع مجرمين .. اعتبروهـ رجاء وليس طلباً .. فالطلب في هذه الأمور لا يفيد ..
الشرطي الثاني : ستجد الطيب والخبيث خلف هذهـ القضبان .. ولا نستطيع الفصل في هذهـ الأمور .. اعذرنا لا نستطيع مساعدتك ابداً ..
الرجل : شكراً لكما ..
يسيران في ذلك الممر الموحش .. والرجل يتمتم بداخله بدعوات من قلب صادق .. ان يكفيه ربي هذا السجن وما في هذا السجن وما بعد هذا السجن وما خلف هذا السجن .. يقراء المعوذات .. وكم أخطاء فيها .. ليس نسياناً .. ولكنه تشتت الأفكار ..
يتوقفان عند باب خلفه ثلاثه ابواب من القضبان الحديديه .. كل جزء من هذا الباب يحمل بصمة مجرم او مظلوم ..
يقول الرجل بداخله .. سبحان ربي .. كيف هذهـ الدنيا .. لم يصدق ما هو عليه .. ولم يقتنع بأنه امام تلك القضبان .!!
يخرج الشرطي مفاتيح من جيبه .. لها صوت موحش .. كأنها تعزف موسيقى غربية صاخبه .. تفزع القلوب من سماعها .. وتشيخ الولدان منها ..
يدخل المفتاح في الباب .. ويفتح الأول .. ثم يليه الثاني .. ثم الثالث ..
فيدخل الرجل السجن ويجد ..............
- - - - - - - - - - - - - - - - - -- - - - -
| |
|
| |
خالد الحارثي
عدد الرسائل : 34 تاريخ التسجيل : 23/01/2009
| موضوع: رد: خلف القضبان الأربعاء يناير 28, 2009 11:11 am | |
| دخل الرجل المكان الذي لم يتخيل بأنه سيجد نفسه فيه يوماً من الأيام .. بل لم يحلم بهذا الشيء من قبل ..
وجد امامه ابواب لغرف كثيرهـ .. في كل غرفه يقبع بداخلها مجرم أو بريئ .. لا يتجاوز سكان الغرفه الواحد السبعه أشخاص .. كان ضيقه جداً .. فهنالك الكثير منهم خلف القضبان ..
لا مفر الآن ايه الرجل .. فأنت بين القضبان لا محالة ..
صمت صاحبنا قليلاً .. صمت الحزن يقطع قلبه .. وذكرياته تعيدهـ للماضي البعيد .. فهو سبب مجئية لهذا العالم الغريب ..
تنهد من اعماقه .. فجنح خياله للبعيد .. ثــــــــــم قال : لا يهم فأنا الآن في واقع .. الآن في الحاضر .. لا مفر من هذا التغيير السلبي ..
يجب ان اعيش كما اريد خلف هذه القضبان .. فأنا الأفضل لا غيري ..
فقاطع حديثه الشرطي قائلاً : هذا هو مكانك من الآن فصاعداً .. وأنت الآن نزيل السجن رقم ( 171 )
قال الرجل : يا الله رقم مميز وبداية مميزهـ .. هذهـ نقطه في صالحي .. فهذا البداية .. سأبداء بجمع النقاط من الآن .. فربما اخرج من هنا بفائدهـ .. !!
دخل صاحبنا للسجن المخصص .. وهو مبتسم لمن بهذهـ الغرفه ..
سلم عليهم جميعاً دون استثناء .. فقد كان عددهم ( 6 ) اشخاص وهو سابعهم .. نظر للغرفه كامله .. وتأمل في وجوههم الواحد تلو الآخر .. فلربما يجد وجه خير يبشر به بينهم .. ولكنه مع الأسف لم يحصد شيء .. كانت علامات الشر والإجرام بين حناياهم ..
الرجل : امممممممممممممممم هذه نقطه تحسب ضدي .. فلم اجد ما اطلبه .. لي ربي لا مشكله يجب ان اتأقلم ولو بالكذب على نفسي .. المهم ان لا اعيش وحيداً ..
اختار احد الأركان وجلس بصمت .. دونما حراك او انفاس ..
فهو ينتأمل وجوههم مرة أخرى .. فما زال بداخله أمل بوجود ما يبحث عنه ..
كان في احد الزوايا رجل في الأربعين من عمرهـ .. ممسكاً سيجارتاً .. ودخانها يعلوا رأسه .. كان اسمه ( سعيد ) .. طال نظر صاحبنا في هذا الرجل .. وكلما ادار نظرهـ عنه عاد كرتاً اخرى له .. لا يعلم لماذا .. ولكن بالتأكيد هنالك سر ..!!
قام سعيد من مكانه متجهاً لصاحبنا .. وفي وجهه الف سؤال وسؤال ..
أوجس الرجل منه خيفه .. ولكنه تصبر بالله .. وبقي في مكانه صامداً .. وحينما اقترب منه اكثر ..
مال الرجل على الزاويه متكاء .. وكأنه لا يأبه لأحد .. بل لا يشاهد الناس شيء ..
وقف سعيد قرب الرجل .. وقال : هل تسمح لي بالجلوس بجانبك ؟
الرجل : تفضل ولما لا ؟ فنحن الآن في مكان واحد .. ليس لنا الا نحن .. ولن نبعد همومنا الا بنا .. فتفضل على الرحب والسعه ..
ابتعد عنه قليلاً .. وجلس سعيد بقرب الرجل ..
قال له : لا اشاهد على وجه علامات الإجرام !!.. فلما اتيت الى هنا ؟!!!!
الرجل : مجرد دين وسيسد بإذن الله عما قريب ..!
سعيد : هل هو كثير ؟
الرجل : ليس كثيراً مجرد بعضاً من المال .. ( 00000000 ) فقط
سعيد : اسئل الله ان يسدد دينك ويفك اسرك ..
الرجل : اللهم امين جزاك الله الجنه ..
الرجل : لماذا انت هنا ؟
سعيد : قصتي طويله جداً .. ولا احب الحديث عنها .. ولكني استطيع ان اقول لك .. بأن يومي قد حان .. ولا اعلم كم بقي من المهله .. فالقصاص هو مصيري .. قلتلت في وقت شيطان .. هذا كل شيء ..
الرجل ينظر للرجل وهو مبتسم .. ويتأمل فيه طويلاً .. يقول في نفسه : سبحان ربي .. هذه نقطه في صالحي .. فهنالك من لديه مصيبه اعضم من مصيبتي .. فحمداً لله على كل شيء ..
صبرك الله واعانك وخفف عليك ما انت فيه .. انه سميع مجيب الدعاء ..
سعيد يخرج سيجارهـ من جيبه .. ويمدها للرجل ..
الرجل : شكراً لك فأنا لا ادخن ..
سعيد : احسنت ما تصنع .. ولكن لا تنصحني عن التدخين .. فلن انصت لك مهما قلت .. فوفر حديثك لنفسك ..
الرجل : لن اتحدث في النصح الآن .. وخذ ما تريدهـ ..
يبداء الإثنان في احاديث طويله لا نهايه لها .. حتى اذن المؤذن لصلاة العصر ..
فتحت غرف السجناء .. على باحة كبيرهـ جداً .. الكل سائرون للمواضي .. والكل سعيد بأنهم خرجوا من غرفهم .. وكأن سراحهم اطلق .. بداء الضجيج في كل مكان .. والأصوات تعلوا من كل حدب وصوب ..
وما زال الرجل في مكانه .. وسعيد بقربه لم يتحركا ..
سعيد : بالتأكيد لا تعلم اين سنذهب الآن ؟
الرجل : هل ستذهبون للصلاة ؟
سعيد : نعم ولكن ليست الصلاة وحدها .. بل بعد الصلاة سيكون هنالك وقت الزيارهـ .. وايضاً لن ندخل الا بعد صلاة العشاء لغرفنا ..
الرجل : لا يهمني ان اعرف كل شيء عن السجن .. فلست مستعجلاً لأن اتعلم .. فما زاول الوقت اول يوم .. والأيام القادمه كثيرهـ ..
سعيد : يتبسم .. هيا نصلي وبعد الصلاة .. يكتب الله لنا مالا نعلمه ..
يتوجه سعيد والرجل الا المواضي ..
دخل الرجل للمواضي .. ووجد فيها خلق كثير .. وكأن العالم كله في هذا المكان ..
الرجل : يا الله .. !!! ما كل هذا ؟!
سعيد : هيا تواضئ قبل ان تتأخر عن الصلاة .. سيكون هنالك عقاب ان تأخرت ..
الرجل : وما هو العقاب ؟
سعيد : سيدخلونك في زنزانه وحدك ..
الرجل : لا لا الى يكفي السجن نذهب لزنزانه ؟!!!
يضحك الإثنان ويتوضئان ..
بعد صلاة العصر تبداء الزيارات .. ويبداء الشرطي في إعلان اسماء المزارين .. فلان بن فلان .. فلان بن فلان .. .................. سعيد بن فلان .. زيارهـ ..
يتوجه سعيد وهو في قمة سعادته .. فيبتعد عن الرجل كثيراً ..
اما البقيه الباقيه .. فليس لا احد يريدهم هذا اليوم ..
يعود الرجل لباحة السجن .. وهو لا يعلم ايفرح ام يحزن ام ماذا .. ايحزن لأنه في هذا العالم ؟! ام يفرح لأنه سيخوض تجربه لم يخضها من قبل ؟!
لا يعلم ..
ولكنه وقف في باحة السجن .. يتأمل هذا وذك .. وبدأ يفكر في كل شيء .. وينظر لمن في السجن ..
يريد ان يتعلم كل شيء .. كيف هو نظام السجن .. وكيف ستكون حياته بعد اليوم .. | |
|
| |
خالد الحارثي
عدد الرسائل : 34 تاريخ التسجيل : 23/01/2009
| موضوع: رد: خلف القضبان الأربعاء يناير 28, 2009 11:13 am | |
| بداء الرجل يسير بن السجناء .. وكأنه يشاهد البشر لأول وهله .. حينما تشاهدهـ .. تتأكد بأنه جاء من كوكب آخر .. لا بشر فيه ولا حياة ..
كان يسير بينهم وهو لا يعلم اين يذهب .. لا صاحب ولا صديق .. انما الوحدهـ تقتله ..
الرجل : لا استطيع الإحتمال اكثر من هذا .. يجب ان يكون هنالك حل لما انا عليه ..
كان الوقت يسير وكأنه على ظهر سلحفاهـ عاجز .. فهو لا يتقدم الا بثقل شديد .. عقارب الثواني لا تتحرك الا بعد عناء .. وكأن مرضاً عضالاً اصابها ..
بداء الرجل يفكر في حلول لما هو عليه .. كيف سيكون الحل والحال .. ؟ وكيف ستكون حياتي بين هذهـ الجدران ؟!..
وجد الرجل مكاناً جميلاً .. بقرب حديقه صغيرهـ .. مزروع فيها بعض من الزهور الجميله .. اتخذ بقربها مكاناً .. لعله يلتمس من روحها الأمل ..
اخذ يتأملها من أولها لآخرهـ .. بداء يحادثها بكل شفافيه ..
الى ان جائة صديقه ( سعيد ) .. فقد انتهت زيارته ..
سعيد : ماذا تفعل ؟
الرجل : احببت ان اتحدث قليلاً مع الزهور .. فهي رائعه الجمال .. وبالتأكيد هي تفهمني كما افهمها ..
سعيد : يا رجل لم تنتهي الحياة .. ولم يمضي على بقائك الا سويعات .. فحاول ان تصبر نفسك بالنسيان .. ولا تجعل لعقلك الخلل فتجن ..!!
الرجل : لماذا ؟؟ الأني احدث الزهرهـ ؟!
سعيد : نعم وهل بعد هذا الجنان جنان ؟!!
الرجل : بالعكس .. فحياتي كلها حديث مع الجمادات والنباتات والحيوانات .. حواري مع البشر ليس بالشكل الكبير .. حتى انني اصبحت لا افهم البشر كثيراً ..
دعك مما نحن عليه الآن .. وقلي من زارك الآن ؟!
سعيد : كانت زيارهـ من الأهل والأصدقاء ..
الرجل : المهم انك سعيد بهذهـ الزيارهـ يا سعيد ؟ رائع سعيد .. وزيارهـ سعيدهـ .. يقهقه الرجل ..
سعيد : بالتأكيد زيارهـ سعيدهـ وانا سعيد ..
يتمازحان وكأنهم يعرفان بعضهما البعض من سنوات طوال ..
الى ان جاء وقت صلاة المغرب .. ذهبوا وصلوا المغرب .. كان هنالك درس يلقيه احد المشائخ حفظهم الله .. فجلسوا في المسجد جميع السجناء الى ان انتهت المحاضرهـ وقت اذان صلاة العشاء .. كان يتحدث فيها المحاضر عن الصبر .. والإبتعاد عن رفاق السوء .. وعن امور كثيرهـ جداً .. كم استفاد منها الجميع .. صلوا صلاة العشاء .. وبعدها جاء وقت وجبة العشاء ..
توجه الجميع للمكان المخصص بالأكل .. وبعد انتهاء العشاء .. كل مجموعه توجهت لغرفتها .. وبداء الهدوء يلف ارجاء السجن .. وكأن لا احد هناك .. الا من بعض الهمسات القلائل .. وفضفضه كل سجين للآخر .. فليس هنالك اجمل من الليل ..
نام الجميع .. الا الرجل .. لم يأتيه نوم ابداً ..
بداء خياله في الهذيان .. وقشعريرهـ في داخله لا تمل .. بل تزداد كل وقت وحين .. الى ان اذن لصلاة الفجر .
الجميع قد فاق من نومه ليوم جديد .. ووقت جديد .. وامل ربما يكون جديداً ..!!
ولكن لا خيوط للشمس في هذهـ الأماكن .. ولاتغريد للطيور يسمعها !. بل اصوات ابواب حديدهـ مزعجه .. وقرع انعل قاسيه حزينه .. قيود لبعض العصاة في ارجلهم .. تزيد من قسوة المكان قسوهـ ..
يبداء الرجل او ليوم بسورة البقرهـ .. عازماً على ختم القرآن الكريم .. فهذا اول خطه يضعها لنفسه ..
ويبقى الى الساعه العاشرة صباحاً وهو يقراء القرآن .. يعيش في عالم روحاني رائع .. ينسى الدنيا ومن عليها .. ويعيش مع ربه في كلماته جل جلاله ..
يتعجب ( سعيد ) من الرجل .. ويقول له .. هل ستطيل القراءة كثيراً ام انك ستتوقف ؟
الرجل : لا اعلم ولكنني اريد ان اعيش مع ربي .. فما اجمل الحياة الربانيه .. تنسيك كل همومك .. وتجعلك خارج المحيط البشري بأسرهـ ..
خذ مصحفاً وابداء في القراءة .. ستشعر بما اشعر به الآن .. وستدعو لي باذن الله ..
سعيد : هل تعلم بأن لي اكثر من السبع اعوام .. بين هذه الجدران .. وخلف هذهـ القضبان لم امسك مصحفاً
الرجل : لا عليك بما فات .. وانسى كل ما قد هرول من عمرك .. فلن تستفيد شيء من الذكريات .. لأنها مجرد ذكرى وانتهت .. هيا اقترب مني وخذ المصحف الشريف .. واعقد العزم على ختمه في اقل وقت ممكن .. فلا نعلم بما تخبئ لنا الأيام .. وما سنكون عليه غداً ..
سعيد : صدقت ..
يأخذ سعيد القرآن الكريم .. ويبداء بالقراءة فيه بصوت منخفض .. يعلوا صوته بترتيل يجذب الأسماع .. ويخترق القلوب خشوعاً ..
الرجل يتوقف هو عن القراءة . ويبداء بالإنصات لترتيل سعيد .. فيعيش في صوته .. ويخشع من كلمات ربه .. برهه من الوقت .. ثم يعود لما بدائه ..
وهما على هذا الحال .. حتى اذن صلاة الظهر .. قاما وعلى وجهيهما السعادهـ .. وفي قلوبهما الراحه .. وبين ايديهما اعظم كلام على وجه الأرض .. كلام الله جل جلاله ..
يتوقف سعيد وينظر للرجل طويلاً .. فيقول له .. انك هبه من السماء .. جزاك ربي عني الجنه .. ثم يخرج سعيد علبة السجائر من جيبه .. ويأخذ الآخرى من تحت فرشته .. فيعاهد الله على كتابه الكريم .. انه سيترك هذا التدخين الى الأبد .. ليس لأجل شيء .. ولكنه بإقتناع منه ..
الرجل يبكي .. يفرح .. لا يعلم ماذا يريد .. وبداخله يحمد الله على هذهـ النعمه .. فقد هدى الله على يديه مدخناً .. يقول الرجل في نفسه .. هذهـ نقطه اخرى تظاف لرصيدي .. وإيجابيه لي لا علي ..
يتوجهان للمسجد .. ومن ثم لوجبة الغداء .. وبعدها .. يعودان لغرفتهم .. ليأخذوا قليلاً من الراحه .. الى صلاة العصر .. وبعد الصلاة يصطف المساجين .. وينادي الشرطي بالأسماء .. هنالك زيارهـ .. فلان بن فلان .. فلان بن فلان .. فلان .................... سعيد بن فلان ..
اما البقيه فلا يريدهم احد .. فتوجهوا للساحه الخلفيه ..
يعود الرجل لتلك المزرعه الصغيرهـ .. بجانب زهرته الجميله .. ويبداء في الحديث معها .. فاليوم تعلق بها اكثر من اليوم الذي قبله .. وسعادته بوجودها اكبر من قبل .. الى ان حضر سعيد ..
سعيد : الى زلت مع هذهـ الزهور ؟
الرجل : ليست زهور عاديه يا سعيد .. هي تفهمني كما افهمها انا ..
سعيد : متبسماً .. كيف تفهمك وتفهمها ؟!
الرجل : انصت يا سعيد لما اقوله لك .. وتمعن بما اعنيه جيداً .. واياك ان تضحك مما اقوله لك .. ان لم يرق كلامي لك فما عليك الا ان تغير الموضوع .. اتفقنا ؟
سعيد : اتفقنا ايه المتفلسف ..!!
يضحك الإثنان ....
الرجل : ان الله خلق كل شيء وهو الخالق جل جلاله .. كل شيء على وجه الأرض يسبح ويحمد الله .. اذاً كل شيء يعي ما نقوله ونتحدث به .. اي انهم يشعرون بما نشعرهـ .. ويفهمون ما نقوله لهم ..
حينما احب شيء معين من الجمادات او الحيوانات .. فأنا احاول بقدر الإمكان ان اعيش معه وبروحه .. حينما اشعر بوجود هذا الشيء امامي .. وأنه دخل لروحي بكل ما تعنيه الكلمه . ابداء بالتعرف عليه قليلاً .. واحادثه كما احادثك الآن ..
ربما في بداية الأمر لا يستسيغ ما اقوله له .. ولكن بعد فترة من الوقت .. بالتأكيد يشعر بما اقوله له .. ويبادلني الحديث كما ابادله .. فلا يفهم لغته الا انا ..
هل فهمت ما اعنيه ؟
سعيد : اممممممممم صدقاً اقولها لك .. لم افهم منك كلمه واحدهـ .. إما ان تكون مجنون ولا تعي ما تقوله .. أو اكون انا من لم يفهم عليك .. لا اعلم ولكن قلي كيف تتحدث مع غير البشر ؟ كيف تفهمهم ويفهمونك ؟!!!
الرجل : في اوقات كثيرهـ احس بأنني مجنون فعلاً .. ولكنني مقتنع بما بداخلي وما اقوله .. فأقول بأنني في كامل قواي العقليه .. اما بالنسبه لكيفية الحديث مع غير البشر .. فهذا امر بسيط جداً .. ولكن عليك اولاً ان تقتنع بما تفعله .. لأن حديثهم ليس باللسان .. بل هو بأرواحهم .. تشعر بحروفهم التي يقولونها لك .. دون ان تسمع اصواتهم ..
سعيد: ربما يا عزيزي .. شفاك ربي وعافاك ..
يضحكان بصوت عالي .. وكأنهم يشاهدان احد الأفلام الكوميديه ..
تبداء الشمس في الغروب .. ويحين وقت صلاة المغرب .. وبعد الصلاة درس لصلاة العشاء ..
يعيش الإثنان على هذا الحال وقت طويلاً ..
فسعيد بداء في ختم القرآن الكريم ..
اما الرجل .. فبجاني ختم القرآن الكريم .. اقترض دفتراً من احدهم .. وقلماً من الآخر .. وبداء يكتب كل ما بداخله .. | |
|
| |
خالد الحارثي
عدد الرسائل : 34 تاريخ التسجيل : 23/01/2009
| موضوع: رد: خلف القضبان الأربعاء يناير 28, 2009 11:14 am | |
| بداء يكتب الرجل كل ما بداخله .. وقرر ان يكون ( مذكراته ) .. فلربما تخرج من خلف القضبان .. بكتيب صغير .. يستفيد منها الآخرين .. فينشرهـ بين الناس .. هذا ما قررهـ بداخله .. ولكنه لا يعلم كيف هي البداية ..
استراح قليلاً من عناء تفكيرهـ .. واغلق كل شيء امامه .. توسد يدهـ .. وذاب في نوم عميق .. فهو يحتاج للهوب من واقعه .. ليذهب لعالم ( نصف ) الأموات ..
رغم الإزعاج الذي يحيطه .. وصرخات المساجين المدويه .. رغم عزف القيود المزعجه ..
الا انه استغرق في النوم ساعات .. ربما هي ثوان .. ولكنه بالتأكيد نام قليلاً ..
استيقض من نومه .. على صوت صراخ لم يشهدهـ من قبل .. صرخة فرح .. صرخه حزن .. صرخه قويه وكفى .. تهليلات من اهل السجن .. وتصفيق من ايديهم ..
ماذا حدث ؟ لماذا كل هذا الصراخ ؟!!
جاء ( سعيد ) اليه .. والدموع تغرق دقنه الكثيف .. يخالطها ابتسامه الفرح ..
باركلي يا وجه الخير .. باركلي يا من دخل لعالمي .. فدخلت سعادت كل العالم في روحي ..
الرجل : مبروك .. ولكن ماذا حصل ؟ لماذا تلك الدموع ؟! وما سبب الإبتسامه ؟!
سعيد : لقد عفوا عني اهل القتيل .. يقولها سعيد بصوته الأجش .. ذاك الصوت الذي مزقته القضبان .. يقولها وهو في قمة سعادته .. يقولها حينما ابتعد السيف عن رقبته .. يقولها ويداهـ ترتجفان .. يقولها وجسدهـ النحيل ممدد على الأرض ..
الرجل : لم يحرك ساكناً .. بل طارت روحه محلقه في ارجاء السجن .. تكاد تخترق الجدران فرحاً .. وبعد صمته وذهوله .. يقف مباركاً لسعيد ..
نعمت القضبان النوم.. وجعلت نفسها في سبات عميق ..
الا السجناء .. فقد انقلب السجن الى حفل كبير .. وكأنهم يريدون الخروج من واقعه .. والحياة في عالم السعداء .. تحولت احزانهم .. لفرحه غامرهـ ..
فسعيد رجل قليل وجودهـ في هذا الزمان .. والكل يحسب له الف حساب .. استطيع وصفه بمستشار السجن .. لرجاحة عقله .. وقوة بنيته .. وسداد رأيه .. صفات جعلته ( عميد ) السجن ..
وبينما اهل السجن على ما هم عليه .. من فرح وابتهاج ..
دخل المناوب لتلك الليله .. شرطي غضيب الوجه .. طويل القامه .. عريض المنكبين .. تخرج من اعينه شرارات البغض ..
صاح في صالة تطل عليها كل غرف السجن .. تلك الصرخه جعلت الأرض تهتز .. ايقضت ( قضبان ) السجن النائمه ..
هدووووووووووووووووء ..
فاتبع صوته سكون .. واغلقت الأنوار كلها .. وتلحف الجميع الحفتهم .. وغطوا في نوم ( اجباري ) .. الا ذلك الرجل .. وصاحبه ( سعيد )
بقيا يتسامران .. يحادث بعضهم البعض .. وبينما هما في سعادهـ كبيرهـ ..
قال الرجل : سعيد بعد ان سهل الله امرك .. وفرج كربك .. بعد ان اسعدك كل هذهـ السعادهـ الن تخبرني كيف دخلت السجن ؟
سعيد : كنت اكرهـ الحديث عن سبب وجودي خلف هذهـ القضبان .. ولكن الآن لا يهمني شيء .. فحمداً لله على كل حال .. هو صاحب الخير جل جلاله .. سأحكي لك ما اخفتيه عن الجميع ..
لم يكن بيني وبين احد اي عداوهـ .. بل كنت من خيرت القوم بين محيطي .. كانت الأفضل في نظري وأنظارهم .. وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء .. لم تأتي بين يدي مشكله الا وقدرني الله على حلها .. بإختصار .. كنت المستشار الخاص بجماعتي .. وفي يوم من الأيام .. كنت سائراً في احد الخطوط الطويله .. ومعي زوجتي واطفالي .. هم اربعه اطفال وبنتان .. كل منهم اجمل وارق وافضل من الآخر .. كانت الساعه تقارب على الرابعه فجراً .. كان الطريق خالياً من العربات والبشر .. حينها توقفت لعطل في عربتي .. ترجلت منها وفي يدي بندقيتي .. فهذا الطريق موحش .. فيه من الشر الكثير .. ومعروف عند الجميع بكثرة قطاع الطرق فيه ..
المهم نزل معي احد اطفالي وعمرهـ ( 12 ) عاماً .. وبدات في التفتيش عن ذلك الخلل .. وبينما انا على هذا الحال .. الا وشاهد عربة قادمه .. توقفت بجانبي .. واذ بها اربعه شباب .. عليهم علامات التوهان .. وصفات الطيش تخرج من حركاتهم ..
قال الأول : هل تريد مساعدهـ ؟
قلت له : شكراً لكم استطعت انهاء كل شيء والحمد لله ..
قال الثاني : لا اطيل عليك نريد منك انزال زوجتك من السيارهـ .. وسنعيدها لك بعد سويعات لن نتأخر .. ضجت الضحكات الساخرهـ من تلك العربه ..
خفت كثيراً .. دعوت الله ان يبعد الشر عني وأهله .. ولكن مع الأسف .. ترجلوا من عربتهم .. متجهين لزوجتي واطفالي .. لم اتمالك نفسي .. اخذت بندقيتي من مكانها .. واطلقت طلقه على احدهم .. ومات في الحال ..
اما بقية الشباب .. فكأنهم ذابوا مع الريح .. لم اشاهد منهم احداً ..
اخذت نقالي .. واتصلت على مركز الشرطه ..
قلت لهم : انا فلان بن فلان .. في المكان الفلاني .. قتلت احد الشباب .. والآخرين هربوا .. هذهـ مواصفات عربتهم ورقمها .. انتظركم ..
اغلقت الخط .. واحتضنت اطفالي .. وزوجتي في ذهول مما شاهدت ..
حتى اتتنا عربة الشرطه .. قبضوا علي من ذلك المكان .. واخذوا اطفالي لمنزلهم ..
وها انا الآن خلف القضبان ..
بداء سعيد يمسح دموعه بيديه .. وهو مبتسم ابتسامه الألم .. سأخرج بإذن الله .. سأغادر هذا المكان القذر .. وهذا فضل ربي علي .. ورحمة بأطفالي وزوجتي ..
يصمت الإثنان .. ويتوهان في عالم الذكريات .. وربما محاسبة النفس ..
اما الرجل .. فقد فرح من داخله .. واصبح حاله افضل من ذي قبل .. سبحان ربي كيف تكون الأحوال .. وكيف هي المصائب .. فأنا الأفضل من ذي قبل .. وهذه نقطه تحسب لصالحي .. | |
|
| |
خالد الحارثي
عدد الرسائل : 34 تاريخ التسجيل : 23/01/2009
| موضوع: رد: خلف القضبان الأربعاء يناير 28, 2009 11:15 am | |
| بعد اسبوع من هذا الخبر الرائع المحزن .. غادر ( سعيد ) السجن .. وادار ظهرهـ للقضبان ..
غادر بحزنه وفرحه .. كسر القضبان بقوة الله وارادته .. وترك زاويته خاليه ..
كان الرجل ينظر لمكان سعيد بكل ألم .. كيف اجد من يسليني .. وبدون مقدمات يرحل عني ؟! الهذا الحد تلك الأبواب اوصدت في وجهي ؟! من !!. كيف !!. لما !!.
دموع مختلطه بألم .. دموع فرح تخالجها عذابات الفراق .. والم القضبان ..
الآن اتضحت القضبان جليتاً .. بأنيابها الموجعه .. وازداد ظلام السجن ظلمه .. كيف لم يشاهد الرجل كل هذا من قبل ؟!
بدأ يتأمل زاويه صاحبه ( سعيد ) .. ينظر لتلك الفرشه الممزقه .. من كان يشغلها ؟! من كان صاحبها ؟!.. طوال سنوات عديدهـ .. كان يجلس عليها إنسان اسمه ( سعيد ) .. والآن تركها ورحل .. بكى فرقا صديقه بداخله ..
ذهب الرجل لتلك الزاويه .. جلس واخذ معه كل حاجياته .. فجلس عليها .. تلحف لحاف سعيد .. واجبر نفسه على النوم إجباراً ..
فهذا المكان الذي يبعد عن قلبه الخوف قليلاً .. وصاحب هذا المكان هو من هو أهلاً لأن يكون صاديقاً ..
مرت اربعه ايام على هذا الحال .. وحال الرجل على ما هو عليه .. يذهب كل يوم لتلك الزهرهـ الجميله .. يحادثها ويشتم عبيرها .. فيعود غداتاً ليحتضن قضبانه المؤمله .. يتوسد يدهـ . ينام كشجرهـ عاجزهـ .. جسد بلا روح ..
الى ان جاء يوم الزيارهـ .. ذلك اليوم الذي لن ينساهـ ..
بعد صلاة العصر كالمعتاد .. بداء الشرطي بمنادات من لهم زيارهـ .. فلان بن فلان .. فلان بن فلان .. الى ان جاء اسم الرجل من بينهم ..
فرح .. حزن .. لا يعلم من هو الزائر ..
تقدم بكل هدوء .. الى شبك خلفه شبك خلفه شبك آخر .. بداء يبحث عن الوجوهـ .. لعله يتعرف على الزائر ..
فإذا بذالك الوجه المنير .. وتلك الإبتسامه الرقيقه .. إنه اخوهـ ( حامد ) الأضغر منه سناً .. جاء لزيارته ..
فرح الرجل بهذهـ الزيارهـ .. ابتسم .. استبشر خيراً ..
بداء الحديث بصراخ عالي .. فهنالك ازعاج كبير .. الكل يريد ايصال صوته لقريبه ..
بداء صوت الرجل مبحوحاً .. بداخله غصه الألم .. وحشرجت الدموع .. عبرهـ امسكها بداخل محجريه .. حتى لا تؤذي ( حامد ) ..
حامد : كيف حالك وما هي اخبارك ؟
الرجل : الحمد لله في احسن حال .. فلربما اني وجدت نفسي خلف القضبان .. فالمكان هنا رائع بكل ما تعنيه الكلمه .. يقولها بإبتسامه ..
حامد : يعرف ما بداخل اخاهـ وما يدور .. قال له : انتظر قليلاً لعلي اظفر بزيارهـ خاصه في مكتب الضابط ..
ذهب ( حامد ) للضابط .. وطلبه زيارهـ خاصه .. وبعد جدال مرير وافق هذا الضابط على الزيارهـ .. وأن تكون في مكتبه .. على ان لا تطول .. بقي ( حامد ) في مكتب الضابط .. على ان يأتيه اخاهـ ..
الشرطي ينادي على الرجل ضابط السجن يطلبك ..
الرجل : خيراً ان شاء الله ..!!!
يدخل الرجل غرفة الضابط .. فيجد امامه اخاهـ منتظراً قدومه .. وقف الرجل متسمراً في مكانه .. خوفاً من القادم .. او ربما خجلاً من اخاهـ الصغير .. كيف يكون القدوهـ خلف القضبان .. كيف يكون قدوتاً وهو من ارباب السجون ؟! هل يعقل ان يكون قدوتاً لأخوته ؟! تسائلات كثيرهـ مرت عليه ولم تطل .. ففرحته بقدوم ( حامد ) كانت كبيرهـ ..
تقدم الرجل واحتضن حامد .. لم يتمنى ان يتركه .. فقد احس بأنه قريب منه كثيراً .. حاول الرجل التشبث بأخوهـ طويلاً .. ولكن ( حامد ) انتزع جسدهـ انتزاعاً . جلس الإثنان يتحدثان .. وتسائلات من ( حامد ) عن اوضاع السجن .. كيف هي ؟
اخبرهـ الرجل بكل ما خلف القضبان .. ولكن حديثه كان عكس الواقع ..
وبينما هما يتجاذبان الحديث .. اخرج ( حامد ) من جيبه جهاز نقال .. قال هنالك من يريد الحديث معك ..
الرجل : من هو ؟
حامد : يقول بأنه احد اصدقائك ..
الرجل : اخذ النقال وبداء ينظر للرقم بكل تفحص .. فإذا هو رقم اعز صديق على قلبه .. اسمه ( محمد ) وازدادت معزته بعد حوارهما ..
اتصل الرجل على صديقه ودار بينهم هذا الحوار ..
الرجل : الو السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
محمد : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. اغلق الهاتف انا من سيتصل عليك .. فأعلم بأن الإتصال مكلف عليك ..
اغلق الرجل السماعه ..
ورن النقال مرهـ اخرى ..
وبعد الترحيب والتحايا ..
دار بينهم هذا الحوار ..
محمد : أين انت واصدقني القول ؟ لقد علمت بأنك في نزهه !! ( يقولها مازحاً )
الرجل يتلعثم في الرد .. ويحس بأن هنالك امر خفي .. او أنه علم بأنه خلف القضبان ..
قال : لست في نزهه .. ولكنني مشغول بعض الشيء في عمل ماء ..
محمد : لا اريد الإطاله عليه .. واعلم أين انت .. وأعلم بأنك خلف القضبان تسكن الآن .. وسبب وجودك في هذا المكان . ولكن اريد منك ان تسمعني .. اذا كنت تعتبرني اخاً لك .. سأسدد المبغ عنك وانت تعيدهـ لي على مهل .. لا اريد ان يعلم احد بهذا الأمر .. وهو سر بيني وبينك والله شهيد على ما اقوله ..
الرجل .. يحس بطعنه في قلبه .. الهذا الحد وصلت رأفت الناس بي ؟! الهذا الحد أصبحت ( مسكيناً ) .. قاصراً .. ظعيفاً .. لا اعلم بما اصف نفسي ..
يستجمع قواهـ .. ويعيد دموعه لمكانها .. يصبر نفسه بذكر الله .. ويرد عليه قائلاً : جزاك ربي الجنه .. ويعلم ربي بمقدار محبتي لك .. وصدق صداقتي .. ولكن اعذرني .. فالأمر اكبر مما تتخيل .. هي ايام وتفرج بإّن الله .. لا تأكل نفسك هماً انت في غنا عنه ..
محمد : نحن اخوهـ واصدقاء .. وهذا هو وقت اثبات صداقتي واخوتي لك ..
الرجل : اعلم بدون اثبات يا عزيزي .. فالقلوب شواهد لا غيرها .. فبارك ربي فيك وحفضك من كل شر ..
الشرطي يدخل عليهم .. يريد إنهاء تلك الزيارهـ ..
يستأذن الرجل من صديقه محمد .. ويشكر له حرصه وحبه له في الله .. ويغلق الهاتف ..
اجرى اتصالاً على والدته .. حينما سمع صوتها .. لم يتمالك نفسه .. نسي العالم كله .. حاول الحديث .. حاول ان يخرج حرفاً .. ولكنه اغلق الهاتف ..
جاء الشرطي .. وامر بإنها المقابله الآن ..
ودع الرجل اخاهـ ( حامد ) .. ثم اقتيد لغرفته ..
اضلم العالم في وجه الرجل .. وكأنه لا يوجد في هذا الكون الا هو .. | |
|
| |
خالد الحارثي
عدد الرسائل : 34 تاريخ التسجيل : 23/01/2009
| موضوع: رد: خلف القضبان الأربعاء يناير 28, 2009 11:16 am | |
| وجد ذلك الرجل انفاسه تضيق .. وصدرهـ يزداد زفيراً .. اختناق بداخله .. وألم يعتصرهـ ..
وضع رأسه على ذراعه .. ووضعت الهموم احمالها على صدرهـ .. تدحرجت عبراته على وجنتيه .. لتغرق ذراعه ..
بداء يفكر في الماضي .. والحاضر .. والمستقبل . !!!
مستقبل !؟! اي مستقبل هو يكفر فيه ؟! وأي حياته يعيشها بعد هذهـ القضبان .. هل سيصمد كما صمد كثيراً ؟ ام انه سيعيش جسد بلا روح .. يخالط الناس وهو ليس معهم ..
هذا هو حال الدنيا .. وهذهـ هموم العالم ..
كل إنسان في همه يتخبط .. وبين احضان الألم لا يتنفس ..
اخذ الرجل قرآنه من عند رأسه .. وفتح صفحه عشوائية .. وقع بصرهـ على هذهـ الآيه .. { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا }
وبدون مقدمات بداء يقراء الآيات بصوت عذب .. ارتجت القضبان منه .. وانصتت الجدران له .. بداء يبكي وينوح ..
استيقض سكان السجن .. وكأنهم اجساد بلا ارواح .. ينصتون لما يسمعوهـ من تلاوهـ ..
فبدائت التمتمات تخرج من بين القضبان .. رويداً .. رويداً ..
هنالك من بكاء .. ومنهم من انصت .. ومنهم من صاح بصوته هدووووء نريد النوم ..
كل على حاله .. وكل له حياته ..
الا ذلك الرجل .. فهو لا يهتم بل لم يسمع شيء .. فقد اطرب مسامعه بالقرآن .. واهتزت روحه لذكر الله .. ووهب روحه لله عز وجل .. وكأنه لا يوجد على وجه البسيطه انسان غير ذلك الرجل ..
وبعد سويعات قلائل .. غلبه صاحبنا النوم .. وبات في سبات عميق .. وكأنه سبات لن يصحوا منه بعد اليوم ..
كانت ليله تكتب في تاريخ السجن .. ويتذكرها كل سجين حضر تلك الليله ..
في الصباح استيقض الرجل .. وهو اكثر راحه وإطمئنان .. {الى بذكر الله تطمئن القلوب }
جاء وقت العصر .. وجائت زيارته لزهرته الممتعه .. كم هو فرح بتلك الزهرهـ الجميله .. بالفعل هي صديقته الحبيبه .. بعد خروج صديقه ( سعيد ) ..
اطلق المساجين كلهم .. توجه الرجل لصديقته الزهرهـ .. ليستمتع برائحتها .. ويفرح بحديثها .. كان الجو غائماً .. يتخلله رذاذ المطر المنعش ..
الكل كان سعيداً بذلك اليوم .. فهو يوم رائع بكل ما تعنيه الكلمه ..
جلس الرجل بقرب صديقته الزهرهـ .. وبداء يحادثها .. ويشتم عبيرها .. ويتنفس انفاسها .. حكا لها عن كل شيء .. حدثها عن قلبه اين هو .. وماذا يفعل الآن .. حدثها عن حياته اين وجدها .. قال لها .. اتعلمين يا زهرتي بأنك اصدق من قابلت خلف هذهـ القضبان بعد صديقي ( سعيد ) ؟ اتعلمين بأني احببت روحك .. فأنت لي حياة بداخل سجن .. انت لي عبير في عالم مليء بالقاذورات .. ربما تكوني رسالتاً من حبيب .. او صفحه اكتب فيها لحبيب ..
انها ذلك الحوار الرائع .. شرطي متغطرس .. اقحم نفسه في خلوة الرجل ..
قال الشرطي : يا هذا ماذا تصنع ؟
الرجل : لا شيء ولكني احدث الزهرهـ الى تشاهدني ايه الفاضل منسجم بين اوراقها .. وذائباً في عبيرها .. ومتعطش للبقاء معها ؟!
الشرطي : الحمد لله على نعمة العقل .. هيا قم من مكانك .. الم تسمع بصوت صفارة انتهاء وقت الفسحه ؟!!
الرجل : عذراً يا عزيزي .. قلت لك بأنني منسجم مع زهرتي .. فحينما اجالسها .. انسى الدنيا وما حوت .. الا من هذهـ الزهرهـ الجميله ..
الشرطي : هل انت من ازعج النزلاء البارحه ؟!
الرجل : لم ازعج احداً ايه الشرطي .. بل كنت في عالمي .. ولم ........
يقاطعه الشرطي .. يبدوا بأنك لا تعرف قوانين السجن ابداً .. ولم تقبع يوماً خلف هذهـ القضبان .. ؟
الرجل : صدقت يا عزيزي .. فهذهـ اول مرهـ وآخرها بإذن الله .. فلا تغضب من جهلي .. واياك ان تنزعج من عدم معرفتي بهذا العالم ..
الشرطي : يدوا بأنك صاحب هذيان كثير . فأعتقد بأنك انسان موسوس لا محاله ..
الرجل : ربما اكون ولا اكون .. فإن كنت في عالم الوسوسه قد خلقت .. فبالتأكيد وسوستي بسبب هذهـ القضبان .. وإن كانت الوسوسه داهمتني يوماً .. فهي من جدران باليه قذرهـ .. اخرجتني من عالمي .. لتلقي بي في توهان الأفكار .. هذا اذا اصابتني الوسوسه حقاً .. وانكر على نفسي الوسوسه ..
الشرطي : هيا انهض واترك عنك ما انت عليه .. فوربي اني انظر لقمة التخلف بني عيناك ..
نهض الرجل من مكانه .. مودعاً زهرته الجميله .. بقبله على اوراقها الملونه .. وبصوت خافت قال لها .. لا تنزعجي من هذا الشرطي .. فهو لا يعلم مابيني وبينك من صداقه ومحبه .. في الغد بالتأكيد ستجدني امامك بإذن الله ..
| |
|
| |
خالد الحارثي
عدد الرسائل : 34 تاريخ التسجيل : 23/01/2009
| موضوع: رد: خلف القضبان الأربعاء يناير 28, 2009 11:17 am | |
| توجه الرجل وهو ينظر لتلك الزهرهـ الرائعه .. كم تمنى ان يبقى معها .. فقد احس بأن هنالك كلمات كثيرهـ بداخلها .. تود البوح بها له .. احس بأن روحاً دخيله على روحها عانقتها .. ولكن هيهات ان يفر من يد الشرطي ..
دخل قبرهـ الذي كم كرهه .. واغلق عليه الباب .. هو ومن معه ..
نظر الرجل لحاله .. ومن حوله يتحدثون .. كلمات لا معنى لها .. وعبارات لا طائل منها .. غيبه .. نميمه .. كلمات لم ترقله .. حتى سماعها لم يعجبه .. حاول ان يتحاشى الإنصات .. ويدخل في عالمه هو .. ولكن الكلمات كانت تخترق مسامعه ..
لم يهن عليه كل هذا ..
دخل معهم في الحديث .. دون مقدمات ..
نظر اليه الجميع .. كيف ينطق من كان صخرهـ صامته ؟! وكيف ينزل نفسه لنا ويحادثنا ؟!
قال لهم : الم تتعبوا من الحديث الغير مفيد ؟! اتعجب منكم لماذا لا تستفيدون من وقتكم ؟!
قال احدهم : وماذا عندك مفيد لنا ؟!!
قال الرجل : لدي الكثير ولكن هل من منصت ومستمع بقلبه لا اذنه فقط ؟
ردوا عليه بصوت واحد : نعم سننصت .. وكأنهم متعطشون لأي شيء ينهي حديثهم اليومي الممل .. ووقتهم الذي يطول لا ينقص .. كأنهم يطلبون المعين بعد الله ..
قال لهم اذاًَ سأتي بقربكم .. وسنضع خططاً للإستفادهـ من اوقاتنا .. نهض من مكانه والفرحه لا تسعه .. رغم انه شاهد على بعض الوجوهـ الكثير من الإستهزاء .. الا انه صمد ولم يعرهم اهتماماً .. فهو محتاج لأن يكون بين بشر .. يحدثهم ويحدثوهـ .. يتناقشون .. يتعاركون .. لا يهم شيء .. المهم ان يجد اناس يعيش بينهم ..
جلس بينهم .. وبداء يتحدث معهم عن امور كثيرهـ .. كيف يستفيد الآخرون من اوقاتهم .. وخاصه بأنهم خلف قضبان .. لا مفر منها الا اليها .. كيف يعيشون كما يريدون رغماً عن ( انف ) تلك الجدران الموحشه .. يعيشون وكأنهم طليقي الحريه .. لا حديد يفصلهم عن العالم .. ولا جدران تهيمن عليهم .. المهم انهم يعيشون كما تشتهيه انفسهم .. وكما يحبون هم ..
قال لهم : لنتخيل الآن بأننا خلقنا هنا .. وفي هذا المجتمع .. لا مفر لدينا .. لا تكنلوجيا عرفناها من قبل .. لا سيارات .. لا طائرات .. لا شيء ابداً ..
لننسى كل حياتنا التي مضت .. ونتعايش مع هذا الوضع .. كأننا لم نزل في ريعان الشباب .. وفي احلام ورديه ..
الكل ينسى قضيته .. انت انسى قضيتك .. وأنت بالمثل .. وأنت .. وانت ..
الجميع للنسى لماذا دخلنا هنا .. ووجدنا خلف هذهـ القضبان ..
دعونا نعيش ونتعايش مع هذا الوضع .. وكأننا غير مجبرون على هذهـ الحياة .. كأن ذاكرتنا مسحت .. لا مجال لتذكر اي شيء .. مهما كان ..
بعد حديث منه .. وإصغاء منهم .. شعر بأن هذا الوقت المناسب لإيقاض هممهم .. والطرق على قلوبهم .. لإكتساب اولاً حبهم .. وثانياً .. حتى يجد منهم استجابه .. وثالثاً .. ليخرجهم ويخرج نفسه من عالم السجن الممل ..
قال لهم الرجل : اولاً .. علينا ان نقتنع بما سنقدمه تمام الإقتناع .. ثانياً .. حينما نجد هممنا بداءت في الإنحدار .. ان يوقضها احدنا اول بأي وسيله كانت .. اي يجب ان نكون يداً وحادهـ .. ونتكاتف حتى نتخرج انفسنا مما نحن فيه ..
الجميع كان منصتاً بتعجب .. منهم من بدأت تباشير السعادهـ على محياهـ .. ومنهم من ظهرة عليه علامات التعجب .. واخر صمت وكأنه لا مبالي ..
بدأ ينظر الرجل لوجوههم ..
وقال لهم : هل انتم معي ؟ وموافقون على ما اقوله ؟
ردوا عليه : نعم موافقون ونحن معك .. فليس بعد هذهـ القضبان قضبان .. دعنا نجرب ولن نخسر شيء ..
فرح الرجل بما سمعه .. واستبشر خيراً ..
قال لهم : علينا ان نحدد لنا ورداً كل يوم من كتاب الله الكريم .. نقراء كل يوم سورة على الأقل .. ونبداء بسورة البقرة .. ومنها تكون نقطة الإنطلاق ..
ومن ثم لدي بعض الكتب .. ففيها الكثير من الروائع .. والجميل من التسيله .. والفوائد الجمه في ديننا الحنيف ..
علينا ان نأخذ كل يوم موضوع ونقراءهـ بتمعن .. نغلق الكتاب .. ويبداء الحوار فيما قرأنها ..
هنا تكمن جل الفائدهـ بإّن الله .. وننسي انفسنا ما نحن عليه ..
قال احدهم : يشهد ربي بأني نسيت هذا المكان .. بمجرد حديثك وجميل ما نقطت به .. فأقول له بأني اول من يكون معك بإذن الله ..
رد الآخر وانا بالمثل .. والثالث .. الرابع .. الخامس ..
الجميع وافق على ما قاله الرجل .. وكلهم امل بأن يخرجوا من بين القضبان .. ليعيشوا حياتهم كما يريدونها هم .. لا كما فرضت عليهم ..
| |
|
| |
خالد الحارثي
عدد الرسائل : 34 تاريخ التسجيل : 23/01/2009
| موضوع: رد: خلف القضبان الأربعاء يناير 28, 2009 11:18 am | |
| اثلجوا صدر الرجل بما قالوا .. وايقن بأنه سائر على طريق فيه الخير لهم ثم له .. احس بما يدور في دواخلهم .. فهو يشعر بالألم اكثر منهم .. وربما اقل قليلاً ..
نهض الرجل من مكانه .. وذهب لزاويته .. فأخرج كتاب كثيراً ما قراءهـ .. وكثيراً ما استمتع بكل حرف فيه .. فهو كتاب جميل .. كان عنوانه ( لا تحزن ) ..
هذا الكتاب مهما وصفته لن اوفيه حقه .. فهو بحق رائع ..
بداء الرجل بإنتقاء احد المواضيع التي تخالط القلوب .. وتحببهم في الإستمرار في الإطلاع والمتابعه ..
بدأ طرح اول موضوع وهو بعنوان :
(( يومك يومك ))
بدأ الرجل بالقراءهـ .. والتعليق على بعض النقاط .. والمساجين في انصات غريب .. وكأنهم لأول مرهـ يستمعون لمثل هذا الكلام .. وهذهـ العبارات التحفيزيه .. تلك الجمل المفيدهـ .. ذات الحروف المزيحه للهموم بإذن الله ..
ادار الرجل ظهرهـ للعالم بأسرهـ .. وبقي مع زملاء ( العنبر ) .. يحدثهم ويحدثوهـ .. يتحاورون في كل حرف وكل كلمه .. فما اروعه من حوار .. وما اجملها من جلسه مميزهـ ..
وبينما هم على هذا الحال .. وانسجامهم مع الكتاب ..
وبدون شعور منهم .. سمعوا اذان الفجر .. ذلك الأذان الذي كان بطيئاً على مسامعهم .. وكم انتظروهـ من ليله .. ليزيح عن صدورهم يوم بكامله .. لينتهي من محكومياتهم يوم بلا عودهـ .. كانوا ينتظرونه بكل لهفه .. ولكن بطيئ على قلوبهم ..
تحدث احدهم قائلاً : ايننا من ما نحن عليه الآن من زمن بعيد ؟ لي بين هذهـ الجدران اكثر من أربعه أعوام .. اربعه أعوام وكأنها اربعين الف قرن .. لم اذق فيها طعماً للراحه .. ولم احس بلذة قط .. كان اليوم يمر علي بألف سنه .. لو تحدثت هذهـ الفرشه في يوم من الأيام .. لتقطعت قلوبكم الماً مما تسمعوهـ ..
ولكن سبحان ربي كيف هو الكتاب .. له دور لا استطيع ان اصفه .. هو الصديق الصدوق .. منه يجني الفائدهـ والراحه لقلوبنا .. ومنه نحصد الأوقات دونما نعي شيء ..
بورك فيك ايها الرجل الطيب .. وبورك فيما اتيت لنا به .. وجزاء الله خير من القى بك معنا ..
قال الرجل : سبحان ربي كيف اريد الخروج من خلف هذهـ القضبان .. وانت تشكر من القي بي خلفها .. !!
ثم بداء الجميع بالضحك .. وبعض التعليقات الجميله ..
توجهوا لصلاة الفجر ..
وبعد الصلاة .. جلسوا لحديث الصباح .. كان الحديث في ذلك اليوم .. يتحدث عن ( التمسك بالدين وسنة النبي الأمي عليه الصلاة والسلام ) كان حديثاً اقل ما اقول عنه انه رائع .. باسلوب جميل يشد الإنتباهـ .. يدخل السعادهـ للقلوب .. ويبشر بخير كثير .. أن هنالك من يدافع ويحمي الدين الإسلامي وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .. كان الشيخ جزاهـ ربي الجنه .. يقدم المحاضرهـ .. وكأنه يلقمنا اجمل والذ المأكولات الشهيه .. كأنه يذهب بنا لحديثه غناء .. سرعان ما تفوح روائحها في كل مكان .. وتستقبلنا بكل حفاوهـ وتقدير ..
بعد الحديث الرائع والجميل .. اجتمع بعض المساجين حول الشيخ الجليل .. وبداء كل واحد منهم يسئله عن سؤال فقهي .. او اي شيء يخطر في باله ..
تقدم الرجل للشيخ بعد ان انفضوا من حوله المساجين ..
وقال له : يا شيخ هل تسمح لي بهذا السؤال ؟
الشيخ : لك ما تريد تفضل ..!
الرجل : انني اقبع هنا من اجل بعض المال .. ولا احب ان اخذ من احد .. فكل ديوني هي من الشركات الدينيه .. التي تقرض عن طريق البيع والتقصيد .. لا احب ان اذل نفسي عند احد .. أو اشاهد نظرات الشفقه في وجوهـ احد .. احببت فقط ان اسئلك هل استطيع ان أخذ من البنك الفلاني قرضاً .. لأسد به هذا الدين الذي كسر ظهري .. واخرج من خلف هذهـ القضبان ؟
الشيخ : ما هي الطريقه التي يقرضك بها هذا البنك ؟
الرجل : هو بنك جديد قد فتح .. يقال عنه انه اسلامي .. ولا اعلم كيف هي طريقة الإقتراض منهم .. هلا خدمتني بأن تتصل عليهم وتسئلهم عن طريقة القروض ؟ لأنني لو ارسلت احد من طرفي .. سيخرجون له وثقيه بأن قروضهم حلال ولا شيء فيها .. ولكن حينما تسئلهم وانت عالم بكل شيء .. وتتناقش معهم في كل صغيرهـ وكبيرهـ .. بالتأكيد تستطيع ان تعرف الكثير والكثير .. وتستطيع بإذن الله ان تحلله او تحرمه ..
الشيخ : بإذن الله يا ولدي .. فلا تبئس ولا يضيق صدرك .. فما هو الا دين واحمد الله على هذا .. فلم تدخل السجن في جريمه .. ولكن انصحك بعدم الإستدانه وانت لا تستطيع السداد .. ففي هذا اسراف وتبذير .. وتحميل النفس مالا طاقة لها به .. واكل لأموال الناس .. سأذهب لهم غداً بإذن الله .. وبعد غد اخبرك بكل شيء .. ولن يكتب الله الا ما فيه الخير بإذنه الكريم ..
الرجل : اعجز عن شكرك .. ولكن لا استطيع الا ان اقول جزاك ربي الجنان العاليه .. وأسكنك مع حبيب البريه محمد صلى الله عليه وسلم ..
الشيخ : جزانا واياك الجنه .. في امان الرحمن ..
الرجل : في امان الله .. سأنتظرك منك الأخبار الطيبه ايها الشيخ الفاضل .. | |
|
| |
خالد الحارثي
عدد الرسائل : 34 تاريخ التسجيل : 23/01/2009
| موضوع: رد: خلف القضبان الأربعاء يناير 28, 2009 11:19 am | |
| توجه الرجل لسجنه المعتاد .. إلى اصدقاء تعرف عليهم ليلة البارحه .. وكأنه أول مرهـ يعرفهم ..
وهو في طريقه لسجنه .. مر على نافذهـ يشع منها ضياء مبهر نورهـ .. جميل ما هو عليه .. شهاد تلك الخيوط الذهبيه .. المنسدله من تلك النافذهـ .. تأمل فيه قليلاً .. وقال في نفسه .. سأغادر قريباً بإذن الله لا محاله .. وأخلف ورائي هذهـ القضبان المقيته .. اشعر بهذا الشيء بإذن الله .. فهو يسري بداخلي سريان الدم في العروق ..
ابتسم الرجل ابتسامه أمل رائعه .. افتقدها محياهـ كثيراً .. ثم توجه لسجنه ..
استقبله اصدقائه بكل ترحاب .. وكأن الرجل يحمل مفاتيح النجاهـ بيديه .. استقبلوهـ وكلهم أمل وتفائل .. وهو كذلك ..
فاليوم غريب بكل ما فيه .. على جميع من في السجن .. ومنهم ذلك الرجل ..
سلم عليهم .. وقال هل ننام قليلاً .. فقد تعبنا البارحه كثيراً ؟
رد عليه الجميع بصوت واحد .. نريد ان نكمل ما بدأنها ..
فرح الرجل .. وانزاح كل تعبه .. وقل سمعاً وطاعه ..
جلس الرجل .. والتف حوله السجناء ..
وقال الرجل :باسم الله جل وعلى نتكول اليه وننيب ونلتجاء له سبحانه .. اتفقنا البارحه على ان يكون لنا ورداً يومياً من كتاب الله .. اليوم بإذن الله نقراء ( 100 ) آيه من سورة البقرهـ .. ومن ثم نفسرها من كتاب التفاسير لإبن كثير رحمه الله ..
وبدون تردد اخذ كل سجين مصحفه .. وبداء بإسم الله من اول سورة البقرهـ .. الى ان انتهوا جميعاً من الـ ( 100 ) أيه .. بداء الرجل بتفسير الآيات .. وهم منبهرين من كلام الله جل جلاله .. وكيف هي حروف يعجز مخلوق على تنسيقها .. بتلك الروعه والحكمه ..
بعد الإنتهاء من كل شيء ..
ذهب كل سجين لفراشه .. تلعوا وجوههم انوار لا مثيل لها .. وارواحهم تنتعش بذكر الله ..
نام الجميع وكأنهم اول مرهـ يحسون بطعم النوم .. احسوا بلذة الحياة .. نسوا بأنهم خلف القضبان ..
اما الرجل .. فبداء يتأمل فيهم واحداً تلو الآخر .. كيف كان حالهم قبل ليله البارحه .. وكف تحولت احوالهم لأمر مختلف ..
اول مرهـ يحس الرجل بحبه للسجن .. بروعة تلك القضبان الحديدهـ .. ورحابته .. احس بأن الجدران تنزاح من مكانها .. لتوسع المكان .. وتجعل الرحابه تأخذ رحباتها منه .. اصبحت اصوات القيود تطربه .. ونغمات المفاتيح تنعشه ..
في هذا الوقت .. احس الرجل بأن السجن افضل له بكثير .. ومن بداخله اجمل من غيرهم ..
في السجن وجد الوجوهه على حقيقتها .. بين جدرانه وجد الصدق في التعامل .. رغم الشر الذي بداخلهم .. ولكن لا اقنعه تغلف وجوههم ..
فخارج هذهـ الأسوار .. كان يشاهد بشر طيبون .. ولكن الشر بداخلهم .. اقنعتهم لا تسقط .. ارواحهم مدنسه بكذبهم .. غشهم .. نفاقهم ..
في الخارج .. بشر بأرواح وحوش .. اشكلهم توحي لك من الوهله الأولى .. أنهم على سجيتهم .. ولكن المكر يحيط بهم ..
هذهـ الحقيقه التي اكتشفها الرجل .. من خلال ليله مرت عليه .. ولكنها ليست كأي ليله .. ليله اكتشاف البشر ..
نام الرجل وهو سعيد .. فأول مرهـ يحس بجمال سجادته التي يضع عليها جسدهـ .. استطعم لذهـ النوم على تلك المخدهـ المتعفنه .. وكأنها مطليه بالرياحين .. هنا وجد نفسه الرجل .. وغير هذا المكان لا يريد ..
افاق الجميع قبل صلاة الظهر .. وكأنهم متفقون على وقت الصحيان .. الكل يبتسم في وجه الآخر .. سعيدين بأن رب الكون جمعهم في مكان واحد ..
الا ذلك الرجل .. فهو غارق في نوم عميق .. هدوء لا يوازيه هدوء ..
قام احد السجناء بإيقاض الرجل .. وقال له : هيا ايه الرجل انهض فقد اوشك الظهر على الإقتراب .. هيا ايه المعلم ..
نهض الرجل من مكانه .. وبداخله هدوء العالم بأسرهـ .. والإبتسامه لا تفارق محياهـ ..
توجه الجميع لصلاة الظهر .. وبعد الصلاة عادوا لمكانهم .. وكأنهم عائدون لجنة الأرض ..
تجاذبوا اطراف الحديث ..
فقال لهم الرجل : انتم لكم خدمه أكثر من خدمتي في السجن .. يقولها ضاحكاً .. وبالتأكيد لا يخلوا السجن من المواقف المؤلمه والمضحكه .. فهلا بداء احدكم بالحديث عن اي موقف مر عليه ؟
قال احدهم ابداء بالحديث .. فأنا اكبركم سناً .. وأقدمكم خدمه في السجن .. ومن باب الإحترام والتقدير لي .. فعليكم الإنصات لما اقوله ..
يضحك الجميع .. ويبداء هو بالحديث عن اول موقف مر عليه .. يقول : تعلمون بأن لكل مكان في هذا السجن رائيساً من المساجين .. أي انه هو المتسلط المتحكم الآمر الناهي .. بإختصار استطيع ان اقول أنه الملك خلف هذهـ القضبان .. وفي احد ( العنابر ) كان هنالك رجل ادخل السجن اسمه ( سهل ) في قضايات كثيرهـ .. منها قضيه مخدرات .. في اول يوم دخل فيه السجن .. اجتمع بكل من في ذلك ( العنبر ) .. وقال لهم سهل : بدايتاً انا اسمي سهل .. فخاف الجميع من ذكر هذا الإسم .. وقال من يريد ان يبقى رجلاً في اعين الآخرين .. فعليه بالإستماع لما اقوله بدون تردد .. فصمت الجميع ولم يدر منهم احداً .. ومن ذلك اليوم وهو الآمر الناهي .. المجاب له كل طلباته دون تردد من اي انسان كان .. الى ان جاء يوم ادخل السجن احد تجار المخدرات .. صاحب قلب حديدي .. رجل قصير القامه .. بشع المنظر .. يخيل لك من اول مرهـ تشاهدهـ .. أنه مسخ لوحش غامض .. وكان اسمه ( غنيم )
ومن حسن الحض ادخل في ( العنبر ) الذي فيه ( سهل ) وعند اول دقائق دخول ( غنيم ) ( العنبر ) صرخ صرخه مدويه .. الرجل في هذا العنبر يتقدم ويقول أنا من اسمي نفسي رجلاً .. الكل خاف .. من هذا الرجل ؟ ومن جاء به ؟
نهض ( سهل ) من مكانه وبدون مقدمات .. هجم على ( غنيم ) بتلك القبضه القويه .. ولكن هيهات ان تؤثر فيه .. وبداء العراك بينهما .. الى ان وصل الحال بهم ..
| |
|
| |
خالد الحارثي
عدد الرسائل : 34 تاريخ التسجيل : 23/01/2009
| موضوع: رد: خلف القضبان الأربعاء يناير 28, 2009 11:19 am | |
| لإسالة الدماء .. وبعد ان هداء كل شيء ..
هل تعلمون من اصبح ملك ذلك العنبر ؟
الجميع بالتأكيد سهل ..!!
قال لهم : بالتأكيد اخطأتم الإختيار .. فقد انتهاء زمن ( سهل ) .. فكل قوي فوقه قوي .. لقد اصبح ( غنيم ) قو المتسيد المتصلط .. فسبحان الله انذل سهل ذلاً لا مثيل له .. من ( غنيم ) الملك الجديد لذلك العنبر .. فكل يوم يأتي من هو أقوى من الآخر .. ويكون المتصلط الذي يهابه الجميع ..
هل رأيتم كيف هي حياة الغابة .. لا يعيش فيها الضعيف المسكين .. بل من كان قوياً متسلطاً جباراً يكون هو الأفضل .. تعجب الجميع من هذا الموقف ..
ثم اغدق الجميع .. كل منهم يحكي قصه مختلفه عن الأخرى .. وذلك الرجل متعجباً مما هم عليه .. ومما يحكونه من قصص لا يصدقها العقل .. فكل قصه أقسى من الآخرى ..
الى ان جاء وقت فسحة العصر .. جاء وقت لقاء الرجل بزهرته الحنونه ..
بعد اداء الصلاة .. توجه الرجل للزهرهـ .. فلم يلتفت خلفه .. بل ما زال مواصلاً طريقه .. لمكان اجتمعت فيه ذكرياته .. فحينما شاهدها .. ابتسم بفرح .. وعانقها كما يعانق الحبيب حبيبه .. لم يأبه بأشواكها .. بل كان عليه أحن من اشواك البشر .. احتضنا وكأنه يحتضن طفلاً برئياً .. بداء الحديث معها .. الى ان جاء ذلك الشيء الذي يكرهه .. فقد توارت الشمس خلف الجبال .. وبداء الليل يسدل غموضه .. كم هو كارهـ للغروب .. فهو من سبب الفراق بينه وبين زهرته ..
عاد الرجل لسجنه .. واجتمع بأحبته .. وبدأت المحاضرهـ في الإنتشار .. فقد اصبح المساجين من غير اصدقائه .. ينصتون لما يقوله الرجل .. بداء الجميع يصغي لحوارهم .. ومن ثم بدأت المشاركات من الجميع .. فقد اصبح السجن خليه واحدهـ .. الكل يتحدث ويشارك .. لا يوجد سجين قريب من تلك الغرفه التي يقبع فيها الرجل .. الا وشاركوهم الحوار والحديث والأسئله ..
ازداد الفرح بداخل الرجل .. وبدأت تباشير الخير .. فقال في نفسه .. هذهـ نقطه توازي كل النقاط التي جمعتها من قبل ..
امتدت الحوارات .. لبعد منتصف الليل .. ثم بدأ الهدوء والسكون .. يعم ارجاء السجن .. والنوم يغدق راحته على اعين المساجين .. فلم يبقى الا الرجل واصدقائه .. ونفر قليل من اقرب القريبين منهم ..
وجد الجميع النوم يداهمهم .. فباتوا تلك الليله كما باتوا ليلته السابقه .. فرح وسعادهـ وإستمتاع بالنوم ..
الا الرجل .. بدأت افكارهـ تهذي به .. غداً سيأتي الشيخ بالخبر الأكيد .. إما الخروج .. وإما ....... عدمه .. بدأت الأفكار تأخذهـ لعالم الهلوسه .. تارهـ يقول بأن الشيخ سيفتي له بجواز الإقتراض .. وتارهـ يقول لا اعتقد .. ولكن لو لم أجد ما يخرجني من السجن .. كيف اخرج ؟!!! هل سأذل نفسي وأقترض من البشر مرهـ اخرى ؟ أم احتفض بكرامتي وأبقى كما انا ؟ ولكن لماذا ابقى بين هذهـ الجدران ؟!! ومن سيذكرني اذا لم اخرج ؟!!
سأخرج من هنا ولو إضطريت للإقتراض من أحدهم .. لا يهم فليس هنالك كرامه بعد هذا السجن .. خسرتها عند اول خطوهـ قدمت بها الى هنا .. نعم لا فائدهـ من الكرامه هذهـ الأيام .. ولا طائل منها .. فكريم النفس تأكله السباع .. بل يكون منبوذاً بين البشر .. نعم نعم لن افكر في الكرامه الآن .. المهم أن اخرج من هنا ..
صرخ الرجل .. لا كرامتي لو بقيت حبيس القضبان الف عام .. فلم يبقى لي في حياتي الا كرامتي .. خسرت كل شيء .. خسرت سنوات عمري .. ودخلت في عالم الأقزام .. إلا أنني محتفض بتلك الكرامه .. هي كل ما املكه في حياتي .. بل هي حياتي .. لن اخرج وانا فاقد للكرامه .. لن اخرج ..
ضل في سجال مع نفسه .. وحوار لم ينقطع .. الى ان اصبح الصباح .. وجاء موعد اللقاء مع الشيخ ..
دخل الرجل المسجد .. وصلى ركعتين لله وحدهـ .. ثم رفع يداهـ للواحد الأحد .. وقال : ( ربي جل جلاله .. انت الواحد الأحد الفرد الصمد .. انت الأول والآخر .. انت الخالق لا غيرك جل جلالك .. افرج همي .. ويسر امري .. يا ميسر الأمور .. انا عبدك وابن عبدك .. خلقتني لطاعتك .. ولم اكن الا عبداً ذليلاً قائماً لك خاشعاً لك .. انت صاحب الفضل لا غيرك .. سبحانك ربي .. التجأ لك عبدك الضعيف .. اتوسل لك ربي .. لا تردني خائباً .. فأنت الكريم لا غيرك .. انقذ عبدك من طرق الهلاك .. فهو سائر في طريق انت عالم بنهايته .. يطلبك عبدك الضعيف رحمتك .. وكرم عطفك .. فأنت ارحم الراحمين .. ............. ) انحدرت دموع حارقه .. على خديه راجياً ربه الفرج .. طالبه الخروج من هذا المأزق .. فدخلت الراحه والطمئنينة لقلبه .. وكأن يداً خفيه .. ازاحة الهم من فوق قلبه .. وإستبشر خيراً ..
بعد صلاة الفجر .. بدأت المحاضرهـ .. وبدأ الشيخ في الحديث .. إلى ان انتها منه .. والتف حوله المساجين .. كل سجين له طلب .. الى ان انفضوا من حلوهـ .. وذلك الرجل جالساً في مكانه .. ولكن بداخله طمئنينه عجيبه ..
تقدم للشيخ وقال له .. اعلم من ملامح وجهك الخبر السعيد .. فوجهك يبشرني بالفرج من عند الله ثم من أخبارك ..
قال الشيخ :بإذن الله .. توجته للبنك الذي اخبرتني عليه .. ولكنه لم يفتح ابوابه للأن .. فتوجهت لبنك آخر .. واستفتسرت عن كل صغيرهـ وكبيرهـ فيه .. ووجدته يسير على الطريقه الإسلاميه .. بإذن الله لا غيرهـ ..
قال الرجل : بشرك ربي بالخير .. وسهل لك طريق الجنه ..
قال الشيخ : غداً بإذن الله .. سأتي ومعي احد موظفي البنك .. لإنهاء اوراقك .. لن يطول بقائك بإذن الله .. ففرج الله قد حان .. لا تحزن إن الله مع الصابرين ..
قال الرجل مستبشراً .. رحمك ربي .. وغفر لك .. وجزاك عني الجنه .. وفرج الله همك كما فرجت همي .. ويعلم الله وحدهـ لن انسى لك هذا الصنيع ما حييت ..
استأذن الشيخ من الرجل .. وتوجه للخروج من باب المسجد ..
وخلفه الرجل متوجهاً لغرفته ..
| |
|
| |
خالد الحارثي
عدد الرسائل : 34 تاريخ التسجيل : 23/01/2009
| موضوع: رد: خلف القضبان الأربعاء يناير 28, 2009 11:20 am | |
| لم يستغرق الرجل وقتاً طويلاً في الوصول لزنزانته ..
بل كانت سعادته تسبق خطاهـ .. وفرحه يعانق ادمعه .. غداً سأخرج من هذا القفص المشئوم .. سأشاهد ضياء الشمس .. وأستنشق عبير الهواء الطلق .. كل هذا موعدهـ غداً بإذن الله ..
التقى الرجل بصحبته .. وبشرهم بما بشرهـ به الشيخ ..
فرحوا رغم المهم الظاهر على وجوههم .. ولكن الفرح غلب الألم ..
استلقى الرجل على سجادته .. وبدأ يهذي وحدهـ ..
كيف سأخرج غداً ؟!
وكيف ستكون نظرة الآخرين لي ؟!
هل سأعود كما كنت سابقاً ؟!
ام ان الكثير من الأمور ستتحول ؟!
اسئله كثيرهـ استغلت وقت التفكير .. وبدأت في التوغل لعقل الرجل ..
استعاذ من الشيطان .. ونهض من مكانه .. وقال في نفسه .. لا يهم ما سأقابل .. المهم الآن ان اخرج من هنا ..
أعلن الرجل استعدادهـ للإجتماع بصحبه .. فإلتف عليه الجميع ..
سئلهم الرجل هل فكر احدكم بيوم خروجه من هنا ؟
رد عليه احدهم .. قال نعم فكرت وما زلت افكر في هذا اليوم ..
ثم سئله الرجل .. هل فكرت كيف سيقابلك المجتمع ؟
اجابه نفس الشخص : نعم فبداية الأمر كنت خجلاً من هذهـ مقابلة المجتمع .. فتمنيت ان لا اخرج .. أن يكون خروجي لمكان لا يعرفني فيه احد .. ولكني وجدت نفسي اعتبرهـ هروباً من الواقع .. ضعفاً بداخلي ان خجلت او خفت من نظراتهم لي .. فلم اعد الآن افكر بهم كثيراً .. بل ربما اصبحوا في ذاكرة الماضي ..
الرجل : جميل جداً ما اسمعه منك .. ودافع قوي لأن اكون الأفضل بإذن الله ..
ولكن ماذا لو تقدم احد الفضوليين لك .. وقال لك كلمه جارحه .. سواء بقصد منه او غيرهـ .. ماذا ستكون ردة فعلك في هذهـ اللحظه ؟
رد عليه احدهم : الكلمات على الرجال وقعها اقسى من وقع السيوف .. بل هنالك كلمات ربما تصيب مقتلاً .. فتنهي الرجل وتجعله لا بداية له ولا نهاية ..
لو حصل لي ما قلته .. سأحاول الرد عليه بكلمات قلائل .. او التزم الصمت وكأنني لم اسمع شيء .. ففي عدم المبالاهـ .. نفع كثير اغلب الأوقات ..
قام احد الجالسين .. وقال للرجل : هل وجدت نفسك قبل دخولك السجن سجيناً بداخلك ؟
الرجل : انبهر من هذا السئوال .. وكأنه اول مرهـ يمر عليه .. تردد في الإجابه قليلاً .. ثم قال : هل تعلم يا عزيزي .. بأني احسست بطعم السجن قبل ان ادخله .. بل اني تذوقت مرارته وانا ما زلت في بطن امي .. ربما لا تصدقني .. بأني خلقت مسجوناً بداخل نفسي ..
رد عليه احدهم وقال : كيف ينسجن الإنسان بداخل نفسه ؟! هل هذا لغز ؟ ام هي فلسفه ؟
اجابه الرجل : ربما تستطيع ان تقول عنها فلسفه .. ورما هو لغز .. ولكنه مع الأسف حقيقه .. فسجن الإنسان داخل نفسه .. أقسى وأمر بكثير من هذا السجن المئولم ..
أقول لك كيف يكون السجن الداخلي للنفس .. حينما نجد انفسنا نعيش مع المجتمع بالأجساد فقط .. ونصارع الوحدهـ بمفردنا .. نضحك امامهم .. والدموع تسيل بداخلنا .. حينما نبين قوتنا امامهم .. وجراحنا تنزف بدواخلنا .. دماً يعتصرنا المه .. عندما نعيش مع الخيال .. ونبني لنا قصورناً من الوهم .. فتنتهي تلك الأحلام .. وتهدم قصور شاهقة البنيان ..
حينها يا عزيزي .. يكون السجن لأنفسنا بداخل ارواحنا .. لا نتحرر منه الا بوجود منقذاً لنا .. ربما انفسنا هي من ننقذها بأيدينا .. بإراداتنا بعد إرادة الله سبحانه .. نجابه العالم بأسرهـ .. حتى نخرج السجين الذي بداخلنا .. فننهي سجنه بأيدينا .. ونفك قيودهـ بإراداتنا وقوة الله ثم عزيمتنا ..
هل فهمت ما أعنيه ؟
يرد عليه .. نعم فهمت رغم ان كلماتك صعبه .. الا انني فهمت ما تعنيه بكلماتك ..
الرجل : الحمد لله انك فهمت ما اقصدهـ .. فمن الصعب ان تفهم وانت لا تريد ان تفهم .. ولكن السهوله في الفهم اذا اراد الإنسان ان يستوعب ما يقال له ..
يقف الرجل عن الكلام .. لينظر لوجوههم واحداً تلو الآخر .. يتأمل فيها .. فيجد بأن تلك الوجوهـ القاسيه .. يقبع خلفها قلوب طيبه .. ولكنها لم تزل نائمه .. فقد ايقضوا الشر في دخالهم .. وسجون الخير بداخلهم .. قيدوهـ بكلاليب من حديد صلب .. يصعب فكه بسهوله ..
استغل الرجل اصغئاهم .. وقال لهم .. هل تعلمون بأنكم جميعاً دواخلكم مسجونه بداخلكم ؟
ردوا عليه ؟ لا بالعكس نحن غير مأسورين بدواخلنا .. فكل ما ذكرته لنا لا ينطبق علينا جميعه ..
رد عليهم الرجل : بلى وربي .. فبداخلكم اروع شيء فطركم الله عليه .. ولكنكم مع الأسف لم توقضوهـ .. جعلتموهـ نائماً .. واسرتوهـ بقيود النسيان .. وقساوة القلب المؤلمه ..
فأخرجتم ما كان يجب ان يبقى بداخلكم .. استخرجتم الشر النائم .. ذلك الشر الذي زج بكم بين احضان هذهـ الجدران المؤلمه ..
هل تعلمون بأنكم الآن في بداية النهاية .. فإن لم تستعجلوا في إستخراج الخير الذي بداخلكم .. وتنهوهـ من عالم الأسر والقيود .. لن يكون في صالحكم ابداً ..
ردوا عليه وكأنهم كانوا في سبات عميق .. كيف نخرجه وقد استفحل الشر بداخلنا .. وأصبحنا لا نشاهد الا الشر فقط .. بل لا نستلذ الا به وفيه ..
قال الرجل : .......................... __________________ | |
|
| |
خالد الحارثي
عدد الرسائل : 34 تاريخ التسجيل : 23/01/2009
| موضوع: رد: خلف القضبان الأربعاء يناير 28, 2009 11:21 am | |
| قال الرجل : يولد الإنسان وبداخله خير و شر .. وطريق الخير أقرب لقلبه من الآخر ..
ولكن هنالك امور كثيرهـ توقض أحدهما .. وتجعل الآخر في سبات دهري مديد ..
قاطعه احدهم .. ولكن نحن الآن نطلبك بكيفية إيقاض الخير من دواخلنا ؟!
يبتسم الرجل في وجهه ويقول : متعجل .. أبشرك بأنك قد بدأت في إيقاض الخير من داخلك .. فلا تتعجل .. دعه يصحوا من نومه الذي دام طويلاً .. حتى يدوم معك بإذن الله طوال الدهر ..
ثم يسترسل الرجل في كلامه معهم ويكمل ما بدأهـ ..
لن نتحدث في امور إيقاض الشر من دواخلنا .. فهي اسباب كثيرهـ جداً .. ولكنني احب ان ابين لكم كيفية إيقاض الخير الجميل الذي تكنه قلوبكم ..
علينا قبل كل شيء .. أن نرسم الإبتسامه النقيه على شفاهنا .. ممزوجه بحلاوة أرواحنا .. وصفاء قلوبنا .. وبعقولنا النيرهـ المتفتحه ..
نتمسك بحبل الله .. ففي هذا اجمل واروع الطرق للخير .. نعبد الله كأننا نراهـ .. ونطيعه كأنه امامنا .. نخاف منه لأنه يرانا .. ونرجوهـ لأنها يسمعنا ..
نتساهل في كثير من الأمور الحياتيه .. نسامح من أخطأ في حقنا .. نصفح عن الآخرين بقلوب نقيه .. نطهر تلك القلوب من الشوائب .. نجملها من كل خدش ..
حينما يبتسم الإنسان في وجه الآخرين .. فهذا دليل على صفاء قلبه .. ونقاء روحه .. ولكن يجب ان تكون ابتسامه من القلب لا الثغر فقط ..
مع مرور الوقت .. ومع تمسكنا بطاعة الله والخوف منه .. وتسامحنا مع الآخرين ..
بإذن الله نوقض الخير الذي بداخلنا .. ونجعل الشر في قاع النوم .. لا توقضه اي صدمة ابداً ..
هل عرفتم الآن كيف توقضوا الخير ؟
رد عليه الجميع بإجابه جميله ..
قالوا له : لقد بدأ يتحرك الخير في أرواحنا ..
ابتسم الرجل بسعادهـ .. وقال لهم .. هذا كل ما اطلبه وتطلبه ارواحكم الطاهرهـ ..
والآن يا احبتي .. غداً بإذن الله ربما يكون يوم خروجي .. وأريد ان اخلو مع نفسي قليلاً .. فغداً ربما هو يوم متعب .. ودعهم .. وفرحه تخالجهم مع حزن بداخلهم ..
ذهب الرجل لمكانه .. والتف حول نفسه .. يحدثها عن الغد .. !!
هل يفرح لإنتهاء تلك الأيام الكئيبة ؟ أم يحزن لمجهول ينتظرهـ ؟!!
استعاذ من الشيطان .. وابعد عنه التفكير .. فقد ارهقه كثرته ..
مد يدهـ تحت وسادته .. وإستخرج دفترهـ القديم .. وقلمه العتيد .. اعتدل في جلسته ..
بدأ يكتب هذيان حروف .. يرسم خطاً .. ويثني عليه بالآخر .. ويجعل وسطهما دائرة كبيرهـ .. ثم صغيرهـ ..
وحروف لا معنى لها .. وربما كلمات لها معاني كثيرهـ ..
لا هدف له من كل ما يفعله .. إلا ان يشغل نفسه عن التفكير المؤلم ..
طال ليله ولم تغفوا عيناهـ .. لم يذق طعم النوم .. وكأن الفرج والجلاد في إنتظارهـ .. خليط من الم وأمل ..
أذن الفجر .. بدأ القلب يرتجف .. والشعور لا يوصف .. والتنهدات لا تتوقف .. مشاعر متضاربه .. كتلاطم أمواج البحر العاتي .. صخور الخوف تتدحرج بداخله ..
استجمع قواهـ .. واستعاذ من شر الشيطان واعوانه .. ذهب للصلاة .. فحين دخوله المسجد .. لمح الشيخ يصلي تحية المسجد .. فهرول الرجل إلى ان وصل الشيخ .. فجلس بقربه ..
عند إنتهاء الشيخ من الصلاة .. لم ينتظر الرجل الشيخ حتى يسبح .. بادرهـ بالسؤال ..
متى سيأتي موظف البنك يا شيخ ؟
ادار الشيخ وجهه للرجل وابتسم وقال له : بإذن الله اليوم الساعه التاسعه صباحاً .. لا تخف يا بني .. فلن يأتي الا الخير بإذنه الكريم ..
قال له الرجل : اعجز عن شكرك .. فليس عندي ما اقدمه لك .. الا دعوات خالصه في كل وقت .. بإذن الله ..
رد عليه الشيخ : هذا ما اريدهـ يا عزيزي .. ولا اريد المزيد ..
انتهت صلاة الفجر .. قام الشيخ فقال للمساجين .. اليوم اعتذر لكم عن المحاضرهـ .. ولكن هنالك إنسان أعتقد بأنه كفوء لأن يلقي المحاضرهـ بدلاً عني .. ثم نظر للرجل .. وقال له تقدم يا بني .. يريدك الأحبه اليوم ان تلقي لهم المحاضرهـ بدلاً عني .. وسأكون مستمعاً اليوم لا ملقياً ..
ارتبك الرجل .. لم يتوقع ما سمعه .. ولم يخطر بباله هذا الأمر ..
احمر وجهه .. وتعرق كثيراً .. ولكنه استعان بالله .. وقام ليلقي المحاضرهـ .. فتحدث عن موضوع البارحه .. وهو الخير والشر .. وكيف يستطيع الإنسان ان يوقض الخير .. فقد راق له .. ولهذا الموضوع بحور كثيرهـ يستطيع ان يستقي منها كلماته وعباراته ..
استرسل في المحاضرهـ .. فقد كان سعيداً بها رغم تخوفه بداية الأمر .. ولكن الله معه ..
انتهت تلك المحاضرهـ .. وغادر الجميع المسجد .. فبقي الشيخ مكانه .. توجه الرجل له ..
وقال له الشيخ .. بارك ربي فيك ما اروع ما تحدثت عنه .. فلا حرمك الله الجنه والأجر .. شكرهـ على كلماته ومحاضرته ..
وقال له .. بإذن الله لن اطيل عليك البقاء هنا .. وستخرج قريباً بإذن الله ..
رد عليه الرجل .. جزاك الله الجنه وبارك فيك ..
ذهب الرجل لزنزانته .. واستقبله صحبته .. مباركين له ..
في تمام الساعه التاسعه صباحاً .. جاء المنادي للرجل .. يبشرهـ بإنتهاء سجنه ..
وقف مذهولاً فرحاً لا خوف بداخله .. فقد نسي كل شيء ..
اخذ اغراضه القلائل .. وودع صحبته الأحبه .. ثم غادر تلك الزنزانه ..
استقبله موظف البنك .. وأنهى إجراءاته بسرعه كبيرهـ .. ثم امر بإطلاق سراحه ..
خرج الرجل من بوابة السجن الكبيرهـ .. وكأنه مولود جديد .. لا يعرف حتى السير على قدميه ..
وقف عند ذلك الباب طويلاً .. يتأمل في الناس كيف هم .. وما هم عليه ؟!!
وبعد برهه من الوقت ..
قال الرجل : يقبع خلف هذهـ القضبان الكثير من البشر .. منهم الظالم والمظلوم .. منهم الصادق والكاذب .. ومنهم من عليه جرائم لا حصر لها ..
وما انا الا رجل دخل في شرف .. وخرج من خلف هذهـ القضبان بشرف ..
رفع رأسه .. وأدار ظهرهـ لتلك البوابه القبيحه .. متوجهاً بروح رائعه .. ليبدأ حياته بكبرياء وشرف ...............
انــــــــتـــــــهـــــــــى بحمد الله ..
| |
|
| |
ضيآء روح
عدد الرسائل : 44 العمر : 33 العمل/الترفيه : طالبه تاريخ التسجيل : 24/01/2009
| موضوع: رد: خلف القضبان الإثنين فبراير 02, 2009 7:03 pm | |
| سجن الإنسان داخل نفسه .. أقسى وأمر بكثير من هذا السجن المئولم ..
أقول لك كيف يكون السجن الداخلي للنفس .. حينما نجد انفسنا نعيش مع المجتمع بالأجساد فقط .. ونصارع الوحدهـ بمفردنا .. نضحك امامهم .. والدموع تسيل بداخلنا .. حينما نبين قوتنا امامهم .. وجراحنا تنزف بدواخلنا .. دماً يعتصرنا المه .. عندما نعيش مع الخيال .. ونبني لنا قصورناً من الوهم .. فتنتهي تلك الأحلام .. وتهدم قصور شاهقة البنيان ..
حينها ...... يكون السجن لأنفسنا بداخل ارواحنا .. لا نتحرر منه الا بوجود منقذاً لنا .. ربما انفسنا هي من ننقذها بأيدينا .. بإراداتنا بعد إرادة الله سبحانه .. نجابه العالم بأسرهـ .. حتى نخرج السجين الذي بداخلنا .. فننهي سجنه بأيدينا .. ونفك قيودهـ بإراداتنا وقوة الله ثم عزيمتنا ..
صدقت بكل كلمة خرجت من شفتاك فنحن سجينون انفسنا وسجن انفسنا بداخلنا امر واقسى من سجن القضباان فقضباان انفسنا لانستطيع ان نتجاووزها الا بإرادتنا وقوة من الله ثم عزيمتنا كما قلت وماذا ان كانت عزيمتنا محبطه ولا نملك ذرة امل ان ننقذ انفسنا من قضبان سجننا الداخلي فعندها سنكون سأيرون باجساد بلا رووح ,,, وان كنا جاهلوون بأننا مسجنون بداخلنا فمصيبتنا اعظم وتحريرنا من المستحييل ,,
هييييييه .. أنتـ ..
يامن كتبت تِلك القصه .. مازلت تُجيدُ ابهاري بحرفك النقي .. صحيحٌ انها احرف ,,
لكن نقُشت وتألقت بين أحرفنآ
وتجسدت بكل معاني الابداع
خااالد الحارثي...
دمت بتألق أيهآ النقي
زهور الوتس بين يديك
لكـ جل احترامي وتقديري... | |
|
| |
| خلف القضبان | |
|